لِأَنَّهُ مَالٌ وَشَهَادَتُهُنَّ جَائِزَةٌ فِي الْأَمْوَالِ (فَتُرَدُّ الْإِيمَانُ عَلَيْهِمَا) إِنْ كَانَا اثْنَيْنِ (حَتَّى يَحْلِفَا خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ قَدِ اسْتَحَقَّا الدَّمَ) لِحَدِيثِ: " «وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ» " فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ ذِكْرِ الدَّمِ الْقَوَدُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِنَّ الْقَسَامَةَ تُوجِبُ الدِّيَةَ دُونَ الْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مَعًا إِلَّا أَنَّهَا فِي الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي وَفِي الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَقَالَ بِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ لَكِنَّ قَوْلَهُ: (وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) بِدَارِ الْهِجْرَةِ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَهُ ; وَلِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ الدَّمِ فِي قَوْلِهِ: دَمُ صَاحِبِكُمْ، وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّمِ الدِّيَةُ لِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ دِيَةَ صَاحِبِهِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ دَمَهُ، لِأَنَّ الدِّيَةَ قَدْ تُؤْخَذُ فِي الْعَمْدِ فَيَكُونُ اسْتِحْقَاقًا لِلدَّمِ، بَعِيدٌ مُتَكَلَّفٌ خِلَافُ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ وَهُوَ آيَةُ الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ تَأَيَّدَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ بِالْقَسَامَةِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نَصْرٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَفَعَلَهُ الْخُلَفَاءُ.
(وَإِذَا ضَرَبَ النَّفَرُ) الْجَمَاعَةُ (الرَّجُلَ حَتَّى يَمُوتَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ قُتِلُوا بِهِ جَمِيعًا) بِلَا قَسَامَةٍ.
(فَإِنْ هُوَ مَاتَ بَعْدَ ضَرْبِهِمْ كَانَتِ الْقَسَامَةُ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْقَتْلِ.
(وَإِذَا كَانَتْ قَسَامَةً لَمْ يَكُنْ إِلَّا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُقْتَلْ غَيْرُهُ وَلَمْ نَعْلَمْ قَسَامَةً كَانَتْ) أَيْ وُجِدَتْ فِيمَا مَضَى (قَطُّ إِلَّا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ الْمُتَيَقَّنَ أَنَّ الْقَاتِلَ وَاحِدٌ فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَيُضْرَبُ الْبَاقُونَ مِائَةً مِائَةً وَيُسْجَنُونَ سَنَةً ثُمَّ يُخَلَّى عَنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute