مُحَمَّدِ بْنِ الصِّدِّيقِ، وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْكَبِيرِ عَنِ الصَّغِيرِ ; لِأَنَّ يَحْيَى تَابِعِيٌّ سَمِعَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَحَادِيثَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِنْ عَاصَرَهُ لَكِنْ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ شُيُوخِ مَالِكٍ.
(أَنَّ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ثِقَةٌ مُخَضْرَمٌ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَقِيلَ: بَعْدَ سَنَةِ سِتِّينَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةِ سَنَةٍ (أَخْبَرَهُ أَنَّهُ زَارَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ) بِتَحْتِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ لَهُ صُحْبَةٌ وَأَبُوهُ صَحَابِيُّ شَهِيرٌ (الْمَخْزُومِيَّ) (فَرَأَى عِنْدَهُ نَبِيذًا) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ تَمْرًا وَزَبِيبًا طُرِحَ فِي مَاءٍ (وَهُوَ بِطْرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ أَسْلَمُ: إِنَّ هَذَا الشَّرَابَ يُحِبُّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) لِأَنَّهُ حُلْوٌ بَارِدٌ وَكَانَ الْمُصْطَفَى يُحِبُّ الْحُلْوَ الْبَارِدَ (فَحَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ قَدَحًا عَظِيمًا) كَبِيرًا (فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَضَعَهُ فِي يَدِهِ) أَيْ: عُمَرَ (فَقَرَّبَهُ عُمَرُ إِلَى فِيهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا) الَّذِي فِي الْقَدَحِ (لَشَرَابٌ طَيِّبٌ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ رَجُلًا عَنْ يَمِينِهِ) عَمَلًا بِالسُّنَّةِ (فَلَمَّا أَدْبَرَ) وَلَّى (عَبْدُ اللَّهِ نَادَاهُ) دَعَاهُ (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: أَأَنْتَ) بِهَمْزَتَيْنِ أُولَاهُمَا لِلِاسْتِفْهَامِ (الْقَائِلُ: لَمَكَّةُ) بِلَامِ التَّأْكِيدِ (خَيْرٌ) أَفْضَلُ (مِنَ الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقَلَتْ هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ) الْكَعْبَةُ وَمَا أُضِيفَ لِلَّهِ خَيْرٌ مِمَّا أُضِيفَ إِلَى رَسُولِهِ (فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَقُولُ فِي بَيْتِ اللَّهِ وَلَا فِي حَرَمِهِ شَيْئًا) يَعْنِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَمْ أَسْأَلْكَ عَنْهُ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ عَنِ الْبَلَدَيْنِ (ثُمَّ قَالَ عُمَرُ) ثَانِيًا لِيَنْظُرَ هَلْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إِلَى مُوَافَقَةِ عُمَرَ فِي تَفْضِيلِ الْمَدِينَةِ (أَأَنَّتَ الْقَائِلُ لَمَكَّةٌ خَيْرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ) عَبْدُ اللَّهِ: (فَقُلْتُ: هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ) الْكَعْبَةُ (فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَقُولُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَلَا فِي بَيْتِهِ شَيْئًا ثُمَّ انْصَرَفَ) عَبْدُ اللَّهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرِ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ أَيُّ الْبَلَدَيْنِ أَفْضَلُ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى تَفْضِيلِ مَكَّةَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute