بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ) قَالَ جَابِرٌ: (وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا) لَمْ يُسَمَّ (نُجَهِّزُهُ يَذْهَبُ يَرْعَى ظَهْرَنَا) أَيْ: دَوَابَّنَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا يُرْكَبُ عَلَى ظُهُورِهَا أَوْ لِكَوْنِهَا يُسْتَظْهَرُ بِهَا وَيُسْتَعَانُ عَلَى السَّفَرِ.
(قَالَ) جَابِرٌ: (فَجَهَّزْتُهُ ثُمَّ أَدْبَرَ يَذْهَبُ فِي الظَّهْرِ) يَرْعَاهُ (وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ لَهُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ تَثْنِيَةُ بُرْدٍ ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ أَكْسِيَةٌ يُلْتَحَفُ بِهَا الْوَاحِدَةُ بِهَاءٍ وَجَمْعُهُ أَبْرَادٌ وَأَبْرُدٌ وَبُرُودٌ (قَدْ خَلَقَا) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ، أَيْ: بَلِيَا (قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَمَا) بِالْفَتْحِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ (لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرُ هَذَيْنِ؟) الْبُرْدَيْنِ الْخَلِقَيْنِ (فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَمُوَحَّدَةٍ مُسْتَوْدَعُ الثِّيَابِ (كَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا، قَالَ: فَادْعُهُ فَمُرْهُ فَلْيَلْبَسْهُمَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ: فَدَعَوْتُهُ فَلَبِسَهُمَا (ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَهُ) يَلْبَسُ الْخَلِقَيْنِ مَعَ تَيَسُّرِ الْجَدِيدَيْنِ وَوُجُودِهِمَا عِنْدَهُ (ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا لَهُ؟) أَنْكَرَ عَلَيْهِ بَذَاذَتَهُ لِمَا يُؤَدِّي إِلَى ذِلَّتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَمَعْنَاهُ إِنْ قَصَدَ بِهَا تَوَاضُعًا وَزُهْدًا وَكَفَّ نَفْسٍ عَنْ فَخْرٍ وَتَكَبُّرٍ لَا إِظْهَارَ فَقْرٍ وَصِيَانَةِ مَالٍ، فَالْمُرَادُ بِهِ إِثْبَاتُ التَّوَاضُعِ لِلْمُؤْمِنِ كَمَا وَرَدَ: " «الْمُؤْمِنُ مُتَوَاضِعٌ وَلَيْسَ بِذَلِيلٍ» " (قَالَ: فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ) يَقُولُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ، قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ إِنْكَارِ أَمْرٍ وَلَا تُرِيدُ بِهَا الدُّعَاءَ عَلَى مَنْ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَمَّا تَيَقَّنَ الرَّجُلُ وُقُوعَ مَا يَقُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟) أَيِ الْجِهَادِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ) جَابِرٌ (فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَهَذَا مِنْ عَظِيمِ الْآيَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute