الْمَصْبُوغَ بِالْمِشْقِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَافٍ أَيِ الْمُغْرَةِ (وَالْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ) عَمَلًا بِمَا رَوَاهُ - أَعْنِي: ابْنَ عُمَرَ - قَالَ: " «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ ثِيَابَهُ حَتَّى عِمَامَتَهُ» " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ: " «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ» " وَفِي أَنَّ النَّهْيَ لِلَوْنِهِ أَوْ لِرَائِحَتِهِ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ، وَفَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَوِ النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى تَزَعْفُرِ الْجَسَدِ لَا الثَّوْبِ، أَوْ عَلَى الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ مِنَ الطِّيبِ وَقَدْ نُهِيَ الْمُحْرِمُ عَنْهُ.
(مَالِكٌ: وَأَنَا أَكْرَهُ) تَنْزِيهًا (أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ) غَيْرُ الْبَالِغِينَ (شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ» ) أَيْ: لُبْسِ خَاتَمِ الذَّهَبِ لِلرِّجَالِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ: «هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى رِجَالِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» " (وَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرَّجُلِ الْكَبِيرِ) الْبَالِغِ (مِنْهُمْ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ (وَالصَّغِيرِ) تَنْزِيهًا.
(مَالِكٌ: فِي الْمَلَاحِفِ) جَمْعُ مِلْحَفَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْمُلَاءَةُ الَّتِي يُلْتَحَفُ بِهَا (الْمُعَصْفَرَةِ) الْمَصْبُوغَةِ بِالْعُصْفُرِ (فِي الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَفِي الْأَفْنِيَةِ) أَيْ: أَفْنِيَةِ الدُّورِ (قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَرَامًا وَ) لَكِنَّ (غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ اللِّبَاسِ) الَّذِي لَا عُصْفُرَ فِيهِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَمُقْتَضَاهُ الْإِبَاحَةُ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَفْنِيَةِ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَحَافِلِ وَالْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهَا.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْهُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَالْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الثَّوْبَ الْمُعَصْفَرَ الْمُقْدَمِ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، وَالْمُقْدَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ الَّذِي رُدَّ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا الْمُعَصْفَرُ غَيْرُ الْمُقْدَمِ وَالْمُزَعْفَرُ فَيَجُوزُ لُبْسُهُمَا فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، نَصَّ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الثَّانِي غَيْرُهَا، قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالْمُزَعْفَرِ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ وَكُنْتُ أَلْبَسُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute