للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالنَّاسِ فَتُرِكَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَالْوَاقِدِيُّ مَتْرُوكٌ وَلَعَلَّ غَيْرَهُ تَبِعَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مُؤَذِّنٍ أَذَّنَ لِقَوْمٍ ثُمَّ انْتَظَرَ هَلْ يَأْتِيهِ أَحَدٌ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ جَاءَ النَّاسُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ أَيُعِيدُ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ) فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ (فَلْيُصَلِّ لِنَفْسِهِ وَحْدَهُ) قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ هُنَا هُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ وَلَمْ يُرِدِ الْمُؤَذِّنَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعُوا تِلْكَ الصَّلَاةَ وَيُعِيدَهَا الْمُؤَذِّنُ مَعَهُمْ إِنْ شَاءَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ حَسَنٌ عَلَى أَصْلِ قَوْلِ مَالِكٍ: الْمَسْجِدُ الَّذِي لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ لَا يُجْمَعُ فِيهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ مَرَّتَيْنِ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِمَامًا قَالَ مَالِكٌ ; لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْجَمَاعَةِ بِالْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي أَنْ لَا تُرَاعَى أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ وَيُؤَخَّرَ مَنْ فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُؤَذِّنُ إِمَامًا رَاتِبًا فَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَذِّ.

وَقَالَ عِيسَى: كَالْجَمَاعَةِ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَ عِيسَى فِي مَسْجِدٍ لَهُ مُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ لِتَعَلُّقِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ بِهِ دُونَ الْمُؤَذِّنِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلَا أَصْلَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا الْمَنْعُ مِنَ الِاخْتِلَافِ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَرَدْعُ أَهْلِ الْبِدَعِ لِيَتْرُكُوا إِظْهَارَ بِدْعَتِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْغَبُونَ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ ثُمَّ يَأْتُونَ بَعْدَهُ فَيَجْمَعُونَ بِإِمَامِهِمْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُجْمَعَ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يَنْهَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ.

وَدَلِيلُ الْجَوَازِ حَدِيثٌ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ فَلَمَّا سَلَّمَ دَخَلَ رَجُلٌ لَمْ يُدْرِكِ الصَّلَاةَ مَعَهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ لِيُصَلِّيَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ فَصَلَّى مَعَهُ» " انْتَهَى.

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمَلَةٍ فَلَا يَنْهَضُ حُجَّةٌ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ.

(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مُؤَذِّنٍ أَذَّنَ لِقَوْمٍ ثُمَّ تَنَفَّلَ فَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِقَامَتُهُ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ) وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَالَ اللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ أَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَجَاءَ بِلَالٌ لِيُقِيمَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنْ أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ "، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْإِفْرِيقِيُّ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>