قَالَ) مَوْقُوفًا لِجَمِيعِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا السَّنَدِ وَرَفَعَهُ، أَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَارُودِ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، وَكَذَا رَفَعَهُ حُمَيْدُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ الْعَدَوِيُّ، عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَمْسٌ) صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: خِصَالٌ خَمْسٌ، ثُمَّ فَسَّرَهَا، أَوْ عَلَى الْإِضَافَةِ، أَيْ: خَمْسُ خِصَالٍ، أَوِ الْجُمْلَةُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيِ: الَّذِي شُرِعَ لَكُمْ خَمْسٌ (مِنَ الْفِطْرَةِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) تَفْعِيلٌ مِنَ الْقَلْمِ وَهُوَ الْقَطْعُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَلَمْتُ ظُفْرِي بِالتَّخْفِيفِ وَقَلَّمْتُ أَظْفَارِي بِالتَّشْدِيدِ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ، أَيْ: إِزَالَةُ مَا طَالَ مِنْهَا عَنِ اللَّحْمِ بِمِقَصٍّ أَوْ سِكِّينٍ لَا غَيْرِهِمَا مِنَ الْآلَةِ وَيُكْرَهُ بِالْأَسْنَانِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْوَسَخَ يَجْتَمِعُ تَحْتَهُ فَيُسْتَقْذَرُ، وَقَدْ يَنْتَهِي إِلَى حَدٍّ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَيُسْتَحَبُّ كَيْفَمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي اسْتِحْبَابِ قَصِّ الظُّفْرِ يَوْمَ الْخَمِيسِ حَدِيثٌ، وَكَذَا لَمْ يَثْبُتْ فِي كَيْفِيَّتِهِ شَيْءٌ وَلَا فِي تَعْيِينِ يَوْمٍ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» " وَلَهُ شَاهِدٌ مَوْصُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ قَالَ: " «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إِلَى الصَّلَاةِ» " أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ عُقْبَةُ: قَالَ أَحْمَدُ: فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مَنْ يُجْهَلُ. انْتَهَى.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ حَيْثُ يَذْكُرُونَ اسْتِحْبَابَ تَحْسِينِ الْهَيْئَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَقَلْمِ ظُفْرٍ، وَقَصِّ شَارِبٍ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً فَبَعْضُهَا يُقَوِّي بَعْضًا.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَبِالْجُمْلَةِ فَأَرْجَحُهَا دَلِيلًا وَنَقْلًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِيهِ لَيْسَتْ بِوَاهِيَةٍ جِدًّا بَلْ فِيهَا مُتَمَسِّكٌ، خُصُوصًا الْأَوَّلَ، وَقَدِ اعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ مَعَ أَنَّ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: " «قَصُّ الظُّفْرِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْغُسْلُ وَالطِّيبُ وَاللِّبَاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» " وَلِلدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْمَنَ الْفَقْرَ وَشِكَايَةَ الْعَمَى وَالْبَرَصَ وَالْجُنُونَ فَلْيُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلِيَبْدَأْ بِخِنْصَرِهِ الْيُسْرَى» " وَالْخَبَرَانِ وَاهِيَانِ.
وَفِي مُسَلْسَلَاتِ الْحَافِظِ جَعْفَرٍ الْمُسْتَغْفَرِيِّ بِإِسْنَادٍ مَجْهُولٍ عَنْ عَلِيٍّ: " «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ» "، وَمَا يُعْزَى لِعَلِيٍّ:
ابْدَأْ بِيُمْنَاكَ وَبِالْخِنْصَرِ ... فِي قَصِّ أَظْفَارِكَ وَاسْتَبْصِرِ
وَثَنِّ بِالْوُسْطَى وَثَلِّثْ كَمَا ... قَدْ قِيلَ بِالْإِبْهَامِ وَالْبِنْصَرِ