اللِّحَى "، وَلَيْسَ إِحْفَاءُ الشَّارِبِ حَلْقَهُ، وَأَرَى تَأْدِيبَ مَنْ حَلَقَ شَارِبَهُ.
وَقَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ: إِنَّ حَلْقَهُ بِدْعَةٌ، وَأَرَى أَنْ يُوجَعَ ضَرْبًا مَنْ فَعَلَهُ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ كَثِيرٌ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى اسْتِحْبَابِ حَلْقِهِ كُلِّهِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: " «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ» "، وَرُدَّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ: أَزِيلُوا مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي الْآكِلَ، وَلَا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْوَسَخُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَتَفْسِيرُ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ إِنَّمَا هُوَ الْإِطَارُ يَعْنِي لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: " قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا» "، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَعَبَّرَ بِمَنِ الصَّرِيحَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَأْصِلُهُ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَمْ نَجِدْ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ مِنْهُمْ: الرَّبِيعُ وَالْمُزَنِيُّ يُحْفِيَا شَارِبَهُمَا، وَمَا أَظُنُّهُمْ أَخَذُوا ذَلِكَ إِلَّا عَنْهُ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، فَعِنْدَهُمُ الْإِحْفَاءُ فِي الرَّأْسِ وَالشَّارِبِ، أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ.
وَذَكَرَ ابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادَ عَنِ الشَّافِعِيِّ كَالْحَنَفِيِّ سَوَاءً، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ يُحْفِي شَارِبَهُ شَدِيدًا وَيَقُولُ: هُوَ السُّنَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute