وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْحَارِثِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُدُّوا الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ»
ــ
١٧١٤ - ١٦٦٤ - (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ) - بِمُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ مُصَغَّرٌ - (الْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ الْحَارِثِيُّ) - بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَمُثَلَّثَةٍ - نِسْبَةً إِلَى بَنِي حَارِثَةَ بَطْنٍ مِنَ الْخَزْرَجِ، قَالَ الْحَافِظُ فِي تَعْجِيلِ الْمَنْفَعَةِ: اتَّفَقَ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَلَى إِبْهَامِهِ إِلَّا يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ، فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْدٍ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ، فِيمَا حَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ فِي مُسْنَدِ الْمُوَطَّأِ، وَوَقَعَ فِي أَطْرَافِ الْمِزِّيِّ أَنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، وَلَمْ يُتَرْجِمْ فِي التَّهْذِيبِ لِمُحَمَّدٍ، بَلْ جَزَمَ فِي مُبْهَمَاتِهِ بِأَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَيِّدٍ ; لِأَنَّ النَّسَائِيَّ إِنَّمَا رَوَاهُ غَيْرَ مُسَمًّى كَأَكْثَرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ، وَمُسْتَنَدُ مَنْ سَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا فِي السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ، عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ، فَذَكَرَهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ شَيْخِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْخَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِيهِ آخِرُ اسْمِهِ مُحَمَّدٌ، (عَنْ جَدَّتِهِ) أُمِّ بُجَيْدٍ مَشْهُورَةٌ بِكُنْيَتِهَا، قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُقَالُ اسْمُهَا حَوَّاءُ، وَتَرْجَمَ لَهَا أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ حَوَّاءُ جَدَّةُ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ، وَيَأْتِي فِي جَامِعِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي الصَّدَقَةِ، حَدِيثِ عَمْرٍو عَنْهَا، وَكَانَتْ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: رُدُّوا) ، أَيْ أَعْطُوا (الْمِسْكِينَ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: السَّائِلَ (وَلَوْ بِظِلْفٍ) - بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَإِسْكَانِ اللَّامِ، وَبِالْفَاءِ - وَهُوَ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ، " وَلَوْ " لِلتَّقْلِيلِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يُعْطَى، وَالْمَعْنَى: تَصَدَّقُوا بِمَا تَيَسَّرَ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَلَوْ بَلَغَ فِي الْقِلَّةِ الظِّلْفَ مَثَلًا، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ.
وَقَالَ: (مُحْرَقٍ) لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ يُلْقِيهِ آخِذُهُ، وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: الْوَاوُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الشَّرْطِ لِلْعَطْفِ، لَكِنَّهَا لِعَطْفِ حَالٍ عَلَى حَالٍ مَحْذُوفَةٍ، وَقَدْ تَضَمَّنَهَا السِّيَاقُ تَقْدِيرُهُ: رُدُّوهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَالٍ، وَلَوْ بِظِلْفٍ وَقَيَّدَ بِالْإِحْرَاقِ، أَيِ الشَّيْءِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُمْ فِيهِ ; لِأَنَّ النَّيِّئَ قَدْ لَا يُؤْخَذُ، وَقَدْ يَرْمِيهِ آخِذُهُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِخِلَافِ الْمَشْوِيِّ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا تَتْمِيمٌ لِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي ظِلْفٍ كَقَوْلِهَا: كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ.
يَعْنِي: لَا تَرُدُّوهُ رَدَّ حِرْمَانٍ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ أَنَّهُ ظِلْفٌ، فَهُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُبَالِغَةِ، وَلِلذَّهَابِ إِلَى أَنَّ الظِّلْفَ إِذْ ذَاكَ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَهُمْ بَعِيدٌ عَنْ الِاتِّجَاهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute