للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: " إِذَا رَقَدْتُمْ " (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ) ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ: " فَإِنَّ الْجِنَّ "، وَلَا تَضَادَّ بَيْنَهُمَا إِذْ لَا مَحْذُورَ فِي انْتِشَارِ الصِّنْفَيْنِ، إِذْ هُمَا حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ يَخْتَلِفَانِ بِالصِّفَاتِ، قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ (لَا يَفْتَحُ غَلَقًا) - بِفَتْحِ الْغَيْنِ، وَاللَّامِ - إِذَا ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: " «فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا» ، (وَلَا يَحُلُّ) - بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَضَمِّ الْحَاءِ - (وِكَاءً) : خَيْطًا رُبِطَ بِهِ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

(وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً) غُطِّيَ أَوْ كُفِئَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

فَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ» وَفِي أَبِي دَاوُدَ: " «وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا» "، أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْغَلْقُ الْحَقِيقِيُّ.

وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: فَإِنَّهُمْ، أَيِ الشَّيَاطِينَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي التَّسَوُّرِ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ وَالْأَرْبَعَةِ مَرْفُوعًا: " «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ» قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَجَّهَ قَوْلُهُ: فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ، عَلَى عُمُومِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخُصَّ بِمَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَنْعَ لِأَمْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِجِسْمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِمَانِعٍ مِنَ اللَّهِ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ جِسْمِهِ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ دُخُولِ الشَّيْطَانِ الْخَارِجِ، فَأَمَّا الشَّيْطَانُ الَّذِي كَانَ دَاخِلًا فَلَا يَدُلُّ الْخَبَرُ عَلَى خُرُوجِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الْمَفْسَدَةِ لَا دَفْعِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الْإِغْلَاقِ تَقْتَضِي طَرْدَ مَنْ فِي الْبَيْتِ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ مِنِ ابْتِدَاءِ الْإِغْلَاقِ إِلَى تَمَامِهِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ مَشْرُوعِيَّةَ غَلْقِ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْأَبْوَابِ، انْتَهَى.

(وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ) - بِتَصْغِيرِ التَّحْقِيرِ - (تُضْرِمُ) - بِضَمِّ التَّاءِ، وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ - أَيْ تُوقِدُ (عَلَى النَّاسِ) ، وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ: عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ (بَيْتَهُمْ) ، وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ " ثِيَابَهُمْ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: وَالْفُوَيْسِقَةُ تُضْرِمُ الْبَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ، وَالضَّرَمَةُ بِالتَّحْرِيكِ النَّارُ وَالضِّرَامُ لَهَبُ النَّارِ.

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ: " «فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ، فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ» وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ، فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا، فَاحْتَرَقَ فِيهَا مَوْضِعُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتَحْرُقُكُمْ» وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ يَزِيدِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ: " «أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>