الْمَازِنِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، شَهِدَ الْخَنْدَقَ.
وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ فِيمَنْ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ اسْمَهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ الْحُرَيْرِ بِمُهْمَلَاتٍ مُصَغَّرٌ ابْنُ عُمَرَ، وَعَاشَ إِلَى بَعْدَ السِّتِّينَ، وَشَهِدَ الْحَرَّةَ، وَجُرِحَ بِهَا، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، يُقَالُ: جَازَ الْمِائَةَ.
(أَخْبَرَهُ) ، أَيَ عَبَّادٌ (أَنَّهُ) ، أَيْ أَبَا بَشِيرٍ (كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) ، قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِمَا، (قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسُولًا) فِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ: " فَأَرْسَلَ زَيْدًا مَوْلَاهُ "، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِيمَا ظَهَرَ لِي، (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) شَيْخُ الْإِمَامِ: (حَسِبْتُ أَنَّهُ) ، أَيْ عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، (قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَقِيلِهِمْ) قَالَ الْحَافِظُ: كَأَنَّهُ شَكَّ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَلَمْ أَرَهَا مِنْ طَرِيقِهِ إِلَّا هَكَذَا، (لَا تَبْقَيَنَّ) بِفَوْقِيَّةٍ وَقَافٍ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ آخِرُهُ، نُونُ تَوْكِيدٍ، (فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ) ، بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: رُبَّمَا صَحَّفَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ وَبَرٌ بِمُوَحَّدَةِ، يَعْنِي كَالدَّاوُدِيِّ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَقَالَ: هُوَ مَا يُنْزَعُ عَنِ الْجِمَالِ يُشْبِهُ الصُّوفَ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فَصُحِّفَ، (أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ) ، قَالَ الْحَافِظُ: أَوْ لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: وَلَا قِلَادَةٌ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَبِهَذَا جَزَمَ الْمُهَلَّبُ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، أَيِ الشَّكَّ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِلَادَةِ، فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ بِكَرَاهَتِهَا إِلَّا فِي الْوَتَرِ، (قَالَ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ) ، أَيْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَلِّدُونَ الْإِبِلَ أَوْتَارًا لِئَلَّا تُصِيبَهَا الْعَيْنُ بِزَعْمِهِمْ، فَأُمِرُوا بِقَطْعِهَا إِعْلَامًا بِأَنَّ الْأَوْتَارَ لَا تَرُدُّ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ شَيْئًا.
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَفَعَهُ: " «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ» "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتَّمِيمَةُ: مَا عُلِّقَ مِنَ الْقَلَائِدِ خَشْيَةَ الْعَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِذَا اعْتَقَدَ الَّذِي قَلَّدَهَا أَنَّهَا تَرُدُّ الْعَيْنَ، فَقَدْ ظَنَّ أَنَّهَا تَرُدُّ الْقَدَرَ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اعْتِقَادُهُ.
وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَنِقَ الدَّابَّةُ بِهَا عِنْدَ الرَّكْضِ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَكَلَامُ أَبِي عُبَيْدٍ يُرَجِّحُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الدَّوَابَّ تَتَأَذَّى بِهِ، وَتُضَيِّقُ عَلَيْهَا نَفَسَهَا وَرَعْيَهَا، وَرُبَّمَا تَعَلَّقَتْ بِشَجَرَةٍ فَاخْتَنَقَتْ أَوْ تَعَوَّقَتْ عَنِ السَّيْرِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْوَتَرِ: الْجَرَسُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونَ الْأَجْرَاسَ فِيهَا، حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَرْجَمَةُ الْإِمَامِ بِالْجَرَسِ، وَكَذَا رِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ الْحَدِيثَ بِسَنَدِهِ بِلَفْظِ: " «لَا تَبْقَيَنَّ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ وَلَا جَرَسٌ فِي عُنُقِ بَعِيرٍ إِلَّا قُطِعَ» "، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَبَانَ أَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute