للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ) الْمَدَنِيَّ الثِّقَةَ الْمُتْقِنَ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ (يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا) ، أَيْ جَمِيعَ الْخَيْرَاتِ، أَوْ خَيْرًا عَظِيمًا (يُصِبْ مِنْهُ) ، بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ، وَكَسْرِ الصَّادِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِي الرِّوَايَةِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ اللَّهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ الْخَشَّابِ يَقْرَؤُهُ بِفَتْحِهَا، وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَلْيَقُ.

قَالَ الطَّيْبِيُّ: أَلْيَقُ بِالْأَدَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] (سورة الشُّعَرَاءِ: الْآيَةُ ٨٠) ، وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِرُوَاةٍ ثِقَاتٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَفَعَهُ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ مَحْمُودٍ مِنَ الْمُصْطَفَى وَلَفْظُهُ: " «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، مَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» "، وَمَعْنَى حَدِيثِ الْبَابِ: يَنَلْ مِنْهُ بِالْمَصَائِبِ، وَيَبْتَلِيهِ بِهَا لِيُثِيبَهُ عَلَيْهَا، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: أَيْ يُوَصِّلُ إِلَيْهِ الْمَصَائِبَ لِيُطَهِّرَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَيَرْفَعَ دَرَجَتَهُ، وَهِيَ اسْمٌ لِكُلِّ مَكْرُوهٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِالْمَصَائِبِ طِبٌّ إِلَهِيٌّ يُدَاوَى بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرَاضِ الذُّنُوبِ الْمُهْلِكَةِ، وَيَصِحُّ عَوْدُ ضَمِيرِ " يُصِبْ " إِلَى " مَنْ "، وَضَمِيرِ " مِنْهُ " إِلَى " اللَّهُ "، أَوْ إِلَى الْخَيْرِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْخَيْرَ لَا يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ فَلَا شَاهِدَ فِيهِ لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّ الشَّرَّ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ، لِكَوْنِهِ ذَكَرَ الْخَيْرَ دُونَ الشَّرِّ ; لِأَنَّ تَرْكَ ذِكْرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ ; لِأَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي هُوَ أَمْرٌ مُرَادٌ لِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ مُخْتَارٌ مَرْضِيٌّ بِهِ إِذَا كَانَ بِإِرَادَةِ الْغَيْرِ لَا مِنْ نَفْسِهِ، فَلِأَنْ يَكُونَ مَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ وَرِضًا أَوْلَى، وَفِيهِ بُشْرَى عَظِيمَةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ ; لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا مِنْ أَلَمٍ بِسَبَبِ مَرَضٍ، أَوْ هَمٍّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الطِّبِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>