وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ ثُمَّ كَتَبَ أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ قَدْرَ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَالْعِشَاءَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ وَالصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ
ــ
٦ - ٦ - (مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) الْمَدَنِيِّ كَثِيرِ الْحَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ثِقَةٍ ثَبْتٍ فَقِيهٍ، بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى مِصْرَ يُعَلِّمُهُمُ السُّنَنَ. وَقِيلَ: لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِذَا اخْتَلَفَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ فِي ابْنِ عُمَرَ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ فَلَمْ يُفَضِّلْ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: سَالِمٌ أَجَلُّ مِنْ نَافِعٍ، قَالَ: وَأَثْبَتُ أَصْحَابِ نَافِعٍ مَالِكٌ، مَاتَ نَافِعٌ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ.
(أَنَّ عُمَرَ) هَذَا مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ نَافِعًا لَمْ يَلْقَ عُمَرَ (ابْنَ الْخَطَّابِ) الْقُرَشِيَّ الْعَدَوِيَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثَانِيَ الْخُلَفَاءِ ضَجِيعَ الْمُصْطَفَى، مَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ، لَقَبُهُ الْفَارُوقُ لِفَرْقِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهَلِ الْمُلَقِّبُ لَهُ جِبْرِيلُ أَوِ الْمُصْطَفَى أَوْ أَهْلُ الْكِتَابِ؟ رِوَايَاتٌ لَا تَتَنَافَى، وَلِيَ الْخِلَافَةَ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَاسْتُشْهِدَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
(كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ) بِالتَّثْقِيلِ جَمْعُ عَامِلٍ؛ أَيْ: الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الْبِلَادِ (إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ) الْمَفْرُوضَةُ.
(فَمَنْ حَفِظَهَا) قَالَ ابْنُ رَشِيقٍ: أَيْ عَلِمَ مَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِهِ مِنْ وُضُوئِهَا وَأَوْقَاتِهَا وَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا وَتَمَامُهَا.
(وَحَافَظَ عَلَيْهَا) أَيْ: سَارَعَ إِلَى فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا.
(حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا) قَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيُّ: يُرِيدُ أَخَّرَهَا وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ تَرَكَهَا.
(فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ) وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ أَحَادِيثُ أُخَرُ مَرْفُوعَةٌ مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: " «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولُ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْإِسْلَامِ؟ " قَالَ: " الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَلَا دِينَ لَهُ وَالصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ» " وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ: " مَا «أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قِيلَ: الصَّلَاةُ، قَالَ: أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا؟» " وَفِيهِ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ: " دَخَلْتُ عَلَى أَنَسٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ " وَالْمُرَادُ بِإِضَاعَتِهَا إِخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا.
قَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩] (سُورَةُ مَرْيَمَ: الْآيَةُ ٥٩) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: تَرَكُوهَا أَوْ أَخَّرُوهَا انْتَهَى.
وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيَشْهَدُ