١٧٩٠ - ١٧٤٤ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ الْيَهُودَ) جَمْعُ يَهُودِيٍّ كَرُومٍ وَرُومِيٍّ، (إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ، فَإِنَّمَا يَقُولُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ) ، أَيِ الْمَوْتُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: " «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ إِلَّا السَّامَ، قِيلَ: وَمَا السَّامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:. الْمَوْتُ» "، (فَقُلْ: عَلَيْكَ) بِلَا وَاوٍ، وَلِجَمِيعِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ التِّنِّيسِيِّ بِالْوَاوِ، وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي مُسْلِمٍ بِحَذْفِهَا وَإِثْبَاتِهَا، وَهُوَ أَكْثَرُ، وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ الْحَذْفَ ; لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي إِثْبَاتَهَا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ، فَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيمَا دَعَوْا بِهِ، وَقِيلَ: هِيَ لِلِاسْتِئْنَافِ لَا لِلْعَطْفِ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَعَلَيْكَ مَا تَسْتَحِقُّهُ مِنَ الذَّمِّ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: كَأَنَّهُ قَالَ: وَالسَّامُ عَلَيْكَ، وَهَذَا كُلُّهُ بَعِيدٌ، وَالْأَوْلَى أَنَّهَا عَلَى بَابِهَا لِلْعَطْفِ، غَيْرَ أَنَّا نُجَابُ فِيهِمْ، وَلَا يُجَابُونَ فِينَا كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَرِوَايَةُ الْحَذْفِ أَحْسَنُ مَعْنًى، وَالْإِثْبَاتُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ يَعْنِي فِي مُسْلِمٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ جَوَازُ الْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ وَهُوَ أَجْوَدُ، وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ ; لِأَنَّ السَّامَ: الْمَوْتُ، وَهُوَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ، فَلَا ضَرَرَ فِيهِ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: فِي الْعَطْفِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، أَيْ وَأَقُولُ: عَلَيْكُمْ مَا تُرِيدُونَ بِنَا، أَوْ مَا تَسْتَحِقُّونَ، وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى عَلَيْكُمْ فِي كَلَامِهِمْ، وَإِلَّا لَتَضَمَّنَ ذَلِكَ تَقْدِيرَ دُعَائِهِمْ، وَلِذَا قَالَ: عَلَيْكَ بِلَا وَاوٍ، وَرُوِيَ بِالْوَاوِ أَيْضًا.
قَالَ عِيَاضٌ: وَقَالَ قَتَادَةُ مُرَادُهُمْ بِالسَّامِ: السَّآمَةُ، أَيْ تَسْأَمُونَ دِينَكُمْ، مَصْدَرُ سَئِمْتُ سَآمَةً وسَآمًا مِثْلُ: رَضَاعًا، وَقَدْ جَاءَ هَكَذَا مُفَسَّرًا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى هَذَا فَرِوَايَةُ حَذْفِ الْوَاوِ أَحْسَنُ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمُ " السِّلَامُ " بِكَسْرِ السِّينِ، أَيِ الْحِجَارَةُ، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِهِ ; لِأَنَّ الرَّدَّ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْمَرْدُودِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمُ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ بِلَفْظِ السَّلَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [مريم: ٤٧] (سورة مَرْيَمَ: الْآيَةُ: ٤٧) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٩] (سورة الزُّخْرُفِ: الْآيَةَ: ٨٩) ، وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذَا السَّلَامِ التَّحِيَّةَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْمُبَاعَدَةَ، وَالْمُتَارَكَةَ، وَلِذَا قِيلَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: أَوْجَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ رَدَّ سَلَامِهِمْ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ.
وَرَوَى أَشْهَبُ، وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ، وَالْآيَةُ وَالْحَدِيثُ مَخْصُوصَانِ بِسَلَامِ الْمُسْلِمِ، وَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِلَفْظِ السَّلَامِ الْمَشْرُوعِ، بَلْ نَقُولُ عَلَيْكَ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute