مِنْ أَهْلِ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَالدَّالُ مُشَدَّدَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّهُ الرِّوَايَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ جَمْعُ فَدَّادٍ، وَهُوَ مَنْ يَعْلُو صَوْتُهُ فِي إِبِلِهِ وَخَيْلِهِ وَحَرْثِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: الْفَدَّادِينُ الْإِبِلُ الْكَبِيرَةُ مِنْ مِائَتَيْنِ إِلَى أَلْفٍ، وَقِيلَ: مَنْ سَكَنَ الْفَدَافِدَ، جَمْعُ فَدْفَدٍ وَهِيَ الْبَرَارِي وَالصَّحَارِي، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَحُكِيَ تَخْفِيفُ الدَّالِ جَمْعُ فَدَانٍ، وَالْمُرَادُ: الْبَقَرُ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: آلَةُ الْحَرْثِ وَالسِّكَّةِ، فَالْمُرَادُ أَصْحَابُ الْفَدَّادِينَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ: وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا ذَمَّ هَؤُلَاءِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِمُعَالَجَةِ مَا هُمْ فِيهِ عَنْ أُمُورِ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى قَسَاوَةِ الْقَلْبِ.
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي الْحَدِيثِ: «الْجَفَاءُ وَالْقَسْوَةُ فِي الْفَدَّادِينَ» : أَصْحَابُ الْحُرُوثِ وَالْمَوَاشِي.
(أَهْلِ الْوَبَرِ) - بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَالْمُوَحَّدَةِ - أَيْ: لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْمَدَرِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُعَبِّرُ عَنِ الْحَضَرِ بِأَهْلِ الْمَدَرِ، وَعَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِأَهْلِ الْوَبَرِ، فَلَا يُشْكِلُ ذِكْرُ الْوَبَرِ بَعْدَ الْخَيْلِ، وَلَا وَبَرَ لَهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيِّنَتُهُ، زَادَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ: فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، أَيْ: فِي الْفَدَّادِينَ مِنْهُمْ.
(وَالسَّكِينَةُ) فَعِيلَةٌ دُونَ أَهْلِ الْإِبِلِ فِي التَّوَسُّعِ وَالْكَثْرَةِ مِنَ السُّكُونِ، أَيِ: الطُّمَأْنِينَةُ وَالْوَقَارُ وَالتَّوَاضُعُ، قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَا نَظِيرَ لَهَا، أَيْ: فِي وَزْنِهَا إِلَّا قَوْلَهُمْ عَلَى فُلَانٍ قَرِيبَةٌ، أَيْ: خَرَاجٌ مَعْلُومٌ (فِي أَهْلِ الْغَنَمِ) ؛ لِأَنَّهُمْ غَالِبًا، وَهُمَا سَبَبُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِمْ أَهْلَ الْيَمَنِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَوَاشِيهِمُ الْغَنَمُ بِخِلَافِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ إِبِلٍ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: «اتَّخِذِي الْغَنَمَ فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً» "، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ فِي الْإِيمَانِ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute