الْفَأْرَةِ» ) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، وَالسَّائِلُ مَيْمُونَةُ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَجُوَيْرِيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ: «أَنَّ مَيْمُونَةَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْفَأْرَةِ (تَقَعُ فِي السَّمْنِ) » الْجَامِدِ، كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَالْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِدُونِهَا، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: فَمَاتَتْ (فَقَالَ: انْزِعُوهَا) ، وَفِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ: أَلْقَوْهَا، وَمَعْنِ بْنِ عِيسَى: خُذُوهَا، أَيِ: الْفَأْرَةَ، (وَمَا حَوْلَهَا) مِنَ السَّمْنِ (فَاطْرَحُوهُ) ، زَادَ إِسْمَاعِيلُ: " وَكُلُوا سَمْنَكُمْ "، أَيِ: الْبَاقِي.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ، قَالَ: إِذَا كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» "، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ إِنْكَارُهُ عَلَى مَعْمَرٍ إِسْنَادَهُ، وَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِرَارًا مِنَ الزُّهْرِيِّ مَا قَالَ إِلَّا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ.
وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ هَذِهِ خَطَأٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنَّهَا وَهْمٌ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ، الطَّرِيقَانِ عِنْدَنَا مَحْفُوظَانِ، لَكِنَّ طَرِيقَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَشْهَرُ، وَقَدْ أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ الدَّالِّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْجَامِدَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ طُرِحَتْ، وَمَا حَوْلَهَا إِذَا تَحَقَّقَ أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهَا لَمْ يَصِلْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهُ.
وَأَمَّا الْمَائِعُ فَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُنَجَّسُ كُلُّهُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَخَالَفَ فَرِيقٌ مِنْهُمِ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَمِنْ طَرِيقِ مَعْنٍ، وَفِي الذَّبَائِحِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عِنْدَهُ أَيْضًا، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute