الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ؛ يَعْنِي الشُّؤْمَ» ) - بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ، وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ - وَقَدْ تُسَهَّلُ فَتَصِيرُ وَاوًا هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُوَطَّآتِ، وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ، وَالتِّنِّيسِيُّ: " إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ "، وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مَالِكٍ: " «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ» "، أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ إِسْمَاعِيلُ فِي شَيْءٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَذَكَرَهُ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ اللَّهُ خَلَقَ الشُّؤْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا جَرَى مِنْ بَعْضِ الْعَادَةِ، فَإِنَّمَا يَخْلُقُهُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.
الْمَازِرِيُّ: مَحْمَلُهُ إِذَا كَانَ الشُّؤْمُ حَقًّا، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَحَقُّ بِهِ؛ بِمَعْنَى أَنَّ النُّفُوسَ يَقَعُ فِيهَا التَّشَاؤُمُ بِهَذِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَقَعُ بِغَيْرِهَا.
وَقَالَ عِيَاضٌ: يَعْنِي إِنْ كَانَ لَهُ وُجُودٌ فِي شَيْءٍ، لَكَانَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْبَلُ الْأَشْيَاءَ لَهَا، لَكِنْ لَا وُجُودَ لَهُ فِيهَا، فَلَا وُجُودَ لَهُ أَصْلًا، انْتَهَى.
أَيْ: إِنْ كَانَ شَيْءٌ يُكَرَهُ وَيُخَافُ عَاقِبَتُهُ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَعَلَيْهِ فَالشُّؤْمُ مُحْمَلٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ الَّتِي سَبُبُهَا مَا فِي الْأَشْيَاءِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ وَالطَّبْعِ كَمَا قِيلَ: شُؤْمُ الدَّارِ: ضِيقُهَا وَسُوءُ جِيرَانِهَا، وَشُؤْمُ الْمَرْأَةِ: عُقْمُهَا وَسَلَاطَةُ لِسَانِهَا، وَشُؤْمُ الْفَرَسِ أَنْ لَا يَغْزُو عَلَيْهَا، فَالشُّؤْمُ فِيهَا عَدَمُ مُوَافَقَتِهَا لَهُ طَبْعًا وَشَرْعًا.
وَقِيلَ: هَذَا إِرْشَادٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ لَهُ دَارٌ يُسْكُنُهَا، أَوِ امْرَأَةٌ يَكْرَهُ عِشْرَتَهَا، أَوْ فَرَسٌ لَا يُوَافِقُهُ أَنْ يُفَارِقَهَا بِنَقْلِهِ، وَطَلَاقُ وَدَوَاءُ مَا لَا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ تَعْجِيلُ الْفِرَاقِ وَالْبَيْعِ، فَلَا يَكُونُ بِالْحَقِيقَةِ مِنَ الطِّيَرَةِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَجْهُ تَخْصِيصِ الثَّلَاثَةِ بِالذِّكْرِ مَعَ جَرْيِ هَذَا فِي كُلِّ مُتَطَيَّرٍ لَهُ بِمُلَازَمَتِهَا لِلْإِنْسَانِ، وَأَنَّهَا أَكْثَرُ مَا يَتَشَاءَمُ بِهِ.
قَالَ: وَمُقْتَضَى سِيَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُتَحَقِّقًا لِوُجُودِ الشُّؤْمِ فِي الثَّلَاثِ، لَمَّا تَكَلَّمَ بِهَذَا، ثُمَّ عَلِمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْحَدِيثِ التَّالِي، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ، وَمُسْلِمٌ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي النِّكَاحِ عَنِ التِّنِّيسِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ.