للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ) ، بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُوَحِّدَةِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، وَاسْمُهُ نَافِعٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَعِنْدَ أَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ السَّكَنِ عَنْ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ كَانَ لَهُ غُلَامٌ حَجَّامٌ يُقَالُ لَهُ: نَافِعٌ أَبُو طَيْبَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُهُ عَنْ خَرَاجِهِ» ، الْحَدِيثَ.

وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ اسْمَهُ دِينَارٌ، وَوَهَمُوهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ دِينَارَ الْحَجَّامَ تَابِعِيٌّ يَرْوِي عَنْ أَبِي طَيْبَةَ، لَا أَنَّهُ أَبُو طَيْبَةَ نَفْسُهُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْحَجَّامِ «عَنْ أَبِي طَيْبَةَ قَالَ: " حَجَمْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - الْحَدِيثَ.

وَذَكَرَ الْبَغْوَيُّ فِي الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ أَنَّ اسْمَ أَبِي طَيْبَةَ مَيْسَرَةُ، وَقَالَ الْعَسْكَرِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " «خَرَجَ عَلَيْنَا أَبُو طَيْبَةَ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَقُلْنَا لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ: حَجَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ) » ، وَلِابْنِ السَّكَنِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ رَسُولِ اللَّهِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا أَبُو طَيْبَةَ بِشَيْءٍ يَحْمِلُهُ فِي ثَوْبِهِ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: حَجَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَانِي أَجْرِي» "، (وَأَمَرَ أَهْلَهُ) ، أَيْ: سَيِّدَهُ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ: وَأَمَرَ مَوَالِيَهُ بِالْجَمْعِ مَجَازًا، (أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ) - بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ - مَا يُقَرِّرُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ شَهْرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَانَ خَرَاجُهُ ثَلَاثَةَ آصُعٍ، فَوَضَعَ عَنْهُ صَاعًا، كَمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ جَوَازُ الْحِجَامَةِ، وَأَخْذُ الْأَجْرِ عَلَيْهَا، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

" «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ» "، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهْ، وَالْكَرَاهَةُ إِنَّمَا هِيَ لِلْحَجَّامِ، لَا لِلْمُسْتَعْمِلِ لِضَرُورَتِهِ إِلَى الْحِجَامَةِ، وَعَدَمِ ضَرُورَةِ الْحَجَّامِ، وَلَوْ تَوَاطَأَ النَّاسُ عَلَى تَرْكِهِ لَأَضَرَّ بِهِمْ، وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْأَجِيرِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ أُجْرَةٍ، وَإِعْطَاءِ قَدْرِهَا وَأَكْثَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَدْرَهَا كَانَ مَعْلُومًا، فَوَقَعَ الْعَمَلُ عَلَى الْعَادَةِ.

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَيْعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عِنْدَهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عِنْدَهُ فِي الطِّبِّ الثَّلَاثَةُ عَنْ حُمَيْدٍ نَحْوَهُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ زِيَادَةٌ قَدْ عُلِمَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>