للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّ أَحَدَهُمْ قَلَّمَا يَسْلَمُ مِنْ مُعَارَضَةٍ، أَوْ خَطَأٍ، أَوْ سَهْوٍ أَوْ عَجْزٍ عَنِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَأَعْظَمُ النَّقَائِصِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهَا أَنَّهَا كَلِمَاتٌ مَخْلُوقَةٌ تَكَلَّمَ بِهَا مَخْلُوقٌ مُفْتَقِرٌ إِلَى أَدَوَاتٍ وَمَخَارِجَ، وَهَذِهِ نَقِيصَةٌ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا كَلَامُ مَخْلُوقٍ، وَكَلِمَاتُ اللَّهِ مُتَعَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْقَوَادِحِ، فَهِيَ الَّتِي لَا يَتْبَعُهَا نَقْصٌ، وَلَا يَعْتَرِيهَا اخْتِلَالٌ، (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) ، عَبَّرَ بِمَا لِلتَّعْمِيمِ، (فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ) مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ (حَتَّى يَرْتَحِلَ) عَنْهُ، وَشَرْطُ نَفْعِ ذَلِكَ الْحُضُورُ وَالنِّيَّةُ، وَهِيَ اسْتِحْضَارُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْشَدَهُ إِلَى التَّحَصُّنِ بِهِ، وَأَنَّهُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، فَلَوْ قَالَهُ أَحَدٌ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ ضَرَّهُ شَيْءٌ، فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ بِنِيَّةٍ وَقُوَّةِ يَقِينٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِمَنَازِلِ السَّفَرِ، بَلْ عَامٌّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَلَسَ فِيهِ، أَوْ نَامَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَهَا عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلسَّفَرِ، أَوْ عِنْدَ نُزُولِهِ لِلْقِتَالِ الْجَائِزَةِ، قَالَهُ الْأَبِيُّ.

وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ ثَانٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، وَالْحَارِثَ بْنَ يَعْقُوبَ حَدَّثَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ بُسْرٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ خَوْلَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: " «إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ» "، فَذَكَرَهُ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ يَقْرَأُ مَعَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: ٢٩] (سورة الْمُؤْمِنُونَ: الْآيَةُ ٢٩) ، وَ {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} [الإسراء: ٨٠] (سورة الْإِسْرَاءِ: الْآيَةُ ٨٠) الْآيَةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَنْزِلِ، وَأَنَّ اللَّهَ قَالَهُ لِنُوحٍ حِينَ نَزَلَ مِنَ السَّفِينَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>