وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ
ــ
١٦٩ - ١٦٧ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) نَقْلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي وَقَفَهَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَرَفَعَهَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ سَالِمٍ، وَلَمْ يَلْتَفِتِ النَّاسُ فِيهَا إِلَى نَافِعٍ.
وَنَقَلَ الْحَافِظُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى رَدِّ هَذَا بِأَنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَى نَافِعٍ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، فَرَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ» ، " وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ السَّبَبَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ أَنَّ نَافِعًا كَانَ يَرْوِيهِ مَوْقُوفًا، ثُمَّ يُعَقِّبُهُ بِالرَّفْعِ، فَكَأَنَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَوْقُوفِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
( «وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ» ) كَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ أَبُو دَاوُدَ وَيُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْعَلُ الْأُولَى أَرْفَعَهُنَّ؟ قَالَ: لَا.
ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا، وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ رَفْعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ غَيْرُ مَالِكٍ فِيمَا أَعْلَمُ انْتَهَى.
وَمُعَارَضَتُهُ بِذَلِكَ لَا تَنْهَضُ، إِذْ مَالِكٌ أَثْبَتُ مِنَ ابْنِ جُرَيْجٍ لَا سِيَّمَا فِي نَافِعٍ لِكَثْرَةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ نَافِعًا نَسِيَ لَمَّا سَأَلَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ فَأَجَابَهُ بِالنَّفْيِ، وَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ مَالِكًا كَانَ مُتَذَكِّرًا فَحَدَّثَهُ بِهِ تَامًّا فَصَدَقَ كُلٌّ مِنْ رِوَايَتَيْهِ.
وَأَمَّا زَعْمُ أَبِي دَاوُدَ تَفْرُّدَ مَالِكٍ بِزِيَادَةٍ دُونَ ذَلِكَ، فَبِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مِنْ ثِقَةٍ حَافِظٍ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ، فَيَجِبُ قَبُولُهَا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute