عَلَى الْقَائِلِ إِثْمُهَا، وَالْكَلِمَةُ الَّتِي يُرْفَعُ بِهَا الدَّرَجَاتُ، وَيُكْتَبُ بِهَا الرِّضْوَانُ هِيَ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا عَنْ مُسْلِمٍ مَظْلَمَةً، أَوْ يُفَرِّجُ بِهَا عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ يَنْصُرُ بِهَا مَظْلُومًا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأُولَى هِيَ الْكَلِمَةُ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ يُرْضِيهِ بِهَا فِيمَا يَسْخَطُ اللَّهُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: هَذَا هُوَ الْغَالِبُ، وَرُبَّمَا كَانَتْ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ مِمَّنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ.
وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا: التَّلَفُّظُ بِالسُّوءِ وَالْفُحْشِ مَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُجَّةَ لِأَمْرِ اللَّهِ فِي الدِّينِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْخَنَا وَالرَّفَثِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي التَّعْرِيضِ بِالْمُسْلِمِ بِكَبِيرَةٍ، أَوْ مُجُونٍ، أَوِ اسْتِخْفَافٍ بِحَقِّ النُّبُوَّةِ وَالشَّرِيعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي لَا يَعْرِفُ قَائِلُهَا حُسْنَهَا مِنْ قُبْحِهَا قَالَ: فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْرِفُ حُسْنَهُ مِنْ قُبْحِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ حِفْظُ اللِّسَانِ، فَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْطِقَ أَنْ يَتَدَبَّرَ مَا يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ، فَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَكَلَّمَ، وَإِلَّا أَمْسَكَ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: عَلَيْكَ بِالتَّأَمُّلِ وَالتَّدَبُّرِ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، فَقَدْ يَكُونُ فِي جَزَعٍ وَتَسَخُّطٍ، فَتَظُنُّهُ تَضَرُّعًا وَابْتِهَالًا، وَيَكُونُ فِي رِيَاءٍ مَحْضٍ، وَتَحْسَبُهُ حَمْدًا وَشُكْرًا، أَوْ دَعْوَةً لِلنَّاسِ إِلَى الْخَيْرِ، فَتَعُدُّ الْمَعَاصِي طَاعَاتٍ، وَتَحْسِبُ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ فِي مَوْضِعِ الْعُقُوبَاتِ، فَتَكُونُ فِي غُرُورٍ شَنِيعٍ، وَغَفْلَةٍ قَبِيحَةٍ مُغْضِبَةٍ لِلْجَبَّارِ مُوقِعَةٍ فِي النَّارِ وَبِئْسَ الْقَرَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute