للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا) ، بِأَنْ كَانَ فِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ بِهِ، (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قُلْتَ بَاطِلًا فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ» ) ، أَيِ الْكَذِبُ، وَهُوَ أَوْلَى مَا فُسِّرَ بِهِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: " «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» "، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ بِفَتْحِ الْهَاءِ حَقِيقَةً، وَشَدِّ التَّاءِ لِإِدْغَامِ تَاءِ الْخِطَابِ فِي تَاءِ لَامِ الْكَلِمَةِ، يُقَالُ: بَهَتَ فُلَانًا: كَذَبَ عَلَيْهِ فَبُهِتَ، أَيْ تَحَيَّرَ، وَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ قُطِعَتْ حُجَّتُهُ، فَتَحَيَّرَ، وَالْبُهْتَانُ الْبَاطِلُ الَّذِي يُتَحَيَّرُ فِيهِ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَالْأَوْلَى فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ مِنَ الْبُهْتَانِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْوَعْظِ وَالنُّصْحِ، فَيَجُوزُ، وَيُنْدَبُ فِيمَا كَانَتْ مِنْهُ زَلَّةُ التَّعْرِيضِ دُونَ التَّصْرِيحِ ; لِأَنَّهُ يَهْتِكُ حِجَابَ الْهَيْبَةِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " مِنَ الْمَرْءِ " وَلَوْ كَافِرًا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَخَاكَ " تَخْصِيصُ الْغِيبَةِ بِالْمُسْلِمِ، إِذِ الْمُرَادُ الْأَخُ فِي الدِّينِ، وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَا غَيْبَةَ فِي كَافِرٍ، وَيُوَافِقُ الْأَوَّلُ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَصْرَانِيَّيْنِ لَوْلَا الْغِيبَةُ أَخْبَرْتُكُمْ أَيَّهُمَا طَبٌّ» .

قَالَ الْأَبِيُّ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ " أَخَاكَ " خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، أَوْ يَخْرُجُ بِهِ الْكَافِرُ ; لِأَنَّهُ لَا غِيبَةَ فِيهِ بِكُفْرِهِ، بَلْ بِغَيْرِهِ، وَاسْتَثْنَى مَسَائِلَ تَجُوزُ فِيهَا الْغِيبَةُ، مَعْلُومَةً.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ، وَهُوَ عِنْدُهُ فِي الزِّيَادَاتِ، وَهُوَ آخِرُ حَدِيثٍ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ فِي مُوَطَّأِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَهُوَ يَدْخُلُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>