أَحْفَظُهُ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ مُرْسَلٌ، ( «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟» ) أَيْ ضَعِيفَ الْقَلْبِ، (فَقَالَ: نَعَمْ) ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الْإِيمَانَ، (فَقِيلَ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا) بُخْلًا لُغَوِيًّا، وَهُوَ مَنْعُ السَّائِلِ مَا يَغْفَلُ عَنْهُ، (فَقَالَ: نَعَمْ) لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ الْإِيمَانَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبُخْلَ الشَّرْعِيَّ، وَهُوَ مَنْعُ الْوَاجِبِ لِمُنَافَاتِهِ الْإِيمَانَ الْكَامِلَ، (فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟) بِالتَّشْدِيدِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، أَيْ كَثِيرَ الْكَذِبِ، (فَقَالَ: لَا) يَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا، أَيِ الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ إِيمَانُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا: " «إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ» "، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَصَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمَا عَنِ الصِّدِّيقِ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمَا عَنِ الصِّدِّيقِ مَوْقُوفًا، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ: " «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَزْنِي الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ، قَالَ: هَلْ يَكْذِبُ؟ قَالَ: لَا» "، وَلِلْبَزَّارِ، وَأَبِي يَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ: " «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ خُلُقِهِ غَيْرَ الْخِيَانَةِ وَالْكَذِبِ» ، وَضَعَّفَ الْبَيْهَقِيُّ رَفْعَهُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، قَالَ غَيْرُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ، انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute