الْحَيَوَانُ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَلَا يُضَيِّعُهُ مَالِكُهُ فَيَهْلِكُ، وَحُجَّتُهُ أَنَّ عَامَّةَ الْوَصِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّلَاةُ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
وَالثَّانِي: تَرْكُ إِصْلَاحِهِ، وَالنَّظَرِ فِيهِ وَكَسْبِهِ.
وَالثَّالِثُ: إِنْفَاقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالسَّرَفُ، انْتَهَى، بِاخْتِصَارٍ.
(وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ) ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَعْنَاهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ التَّكْثِيرُ مِنَ الْمَسَائِلِ النَّوَازِلِ، وَالْأُغْلُوطَاتِ، وَتَشْقِيقِ الْمَوْلُودَاتِ، وَقِيلَ سُؤَالُ الْمَالِ، وَالْإِلْحَاحُ فِيهِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ لِعَطْفِهِ عَلَى إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي أَهْوَ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ، أَمْ هُوَ مَسْأَلَةُ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ؟ إِلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْحَدِيثِ كَرَاهَةَ السُّؤَالِ عَنِ الْمَسَائِلِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْإِكْثَارُ لَا عَلَى الْحَاجَةِ عِنْدَ نُزُولِ النَّازِلَةِ بَيْنَ كَثِيرَةٍ وَقَلِيلَةٍ، وَكَانَ أَصْلُ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنْ أَشْيَاءَ، وَيُلِحُّونَ فِيهَا فَيَنْزِلُ تَحْرِيمُهَا، قَالَ - تَعَالَى -: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: ١٠١] (سورة الْمَائِدَةِ: الْآيَةُ ١٠١) الْآيَةَ، وَالسُّؤَالُ الْيَوْمَ لَا يُخَافُ مِنْهُ نُزُولُ تَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ، فَمَنْ سَأَلَ مُسْتَفْهِمًا رَاغِبًا فِي الْعِلْمِ وَنَفْيِ الْجَهْلِ عَنْ نَفْسِهِ بَاحِثًا عَنْ مَعْنًى يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ، فَشِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالُ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْجِدَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، وَمَنْ سَأَلَ مُتَعَنِّتًا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ قَلِيلُ السُّؤَالِ، وَلَا كَثِيرُهُ، انْتَهَى، مُلَخَّصًا.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ كَثْرَةُ سُؤَالِ الْإِنْسَانِ عَنْ حَالِهِ، وَتَفَاصِيلِ أَمْرِهِ، فَيَدْخُلُ فِي سُؤَالِهِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ، وَيَتَضَمَّنُ حُصُولَ الْحَرَجِ فِي حَقِّ الْمَسْئُولِ، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُحِبُّ إِخْبَارَهُ بِأَحْوَالِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَ شَقَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَبَ فِي الْإِخْبَارِ، أَوْ تَكَلَّفَ التَّعْرِيضَ لَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ، وَإِنْ أَهْمَلَ جَوَابَهُ ارْتَكَبَ سُوءَ الْأَدَبِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْصُولًا بِهِ، وَهُوَ يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ عَنْ مَالِكٍ مَوْصُولًا، وَلَعَلَّهُ حَدَّثَ بِالْوَجْهَيْنِ: الْوَصْلُ وَالْإِرْسَالُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute