للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِحَدِيثِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ هَؤُلَاءِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّمَا كَانَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ; لِأَنَّ حَالَهُ - حَالُ الْمُنَافِقِينَ، إِذْ هُوَ يَتَمَلَّقُ بِالْبَاطِلِ وَبِالْكَذِبِ - مَدْخَلٌ لِلْفَسَادِ بَيْنَ النَّاسِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لِأَنَّهُ يَأْتِي كُلَّ طَائِفَةٍ بِمَا يُرْضِيهَا، فَيُظْهِرُ لَهَا أَنَّهُ مِنْهَا، وَمُخَالِفٌ لِضِدِّهَا، وَصَنِيعُهُ نِفَاقٌ مَحْضٌ، وَكَذِبٌ وَخِدَاعٌ، وَتَحَيُّلٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى أَسْرَارِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَهِيَ مُدَاهَنَةٌ مُحَرَّمَةٌ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: فَأَمَّا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِصْلَاحَ الْمُرَغَّبَ فِيهِ، فَيَأْتِي لِكُلٍّ بِكَلَامِ فِيهِ صَلَاحٌ وَاعْتِذَارٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَنِ الْآخَرِ، وَيَنْقُلُ لَهُ الْجَمِيلَ، فَمَحْمُودٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ذُو الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِصْلَاحِ مَحْمُودٌ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ؛ يَقُولُ خَيْرًا، وَيَنْمِي خَيْرًا» "، وَبَيَّنَ تَعْبِيرَهُ بِـ " مِنْ " أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ» "، مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةِ " مِنْ "، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَمُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي زُرْعَةَ، الثَّلَاثَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>