للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ؟ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ» " وَأَوْرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِلْمَ بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي السِّرِّيَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ بِسَمَاعِ كُلِّهَا، وَأُجِيبُ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ سَمَاعِ بَعْضِهَا مَعَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى قِرَاءَةِ بَاقِيهَا، وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخْبِرُهُمْ عَقِبَ الصَّلَاةِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا بِقِرَاءَةِ السُّورَتَيْنِ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ.

وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ اضْطِرَابَ لِحْيَتِهِ لَا يُعَيِّنُ الْقِرَاءَةَ لِحُصُولِهِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُمْ نَظَرُوهُ بِالْجَهْرِيَّةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَحَلَّ مِنْهَا هُوَ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ لَا الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَإِذَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي قَتَادَةَ كَانَ يُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا قَوِيَ الِاسْتِدْلَالُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: احْتِمَالُ الذِّكْرِ مُمْكِنٌ لَكِنَّ جَزْمَ الصَّحَابِيِّ بِالْقِرَاءَةِ مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ، فَقُبِلَ تَفْسِيرُهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْرَارَ بِالْقِرَاءَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إِسْمَاعِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ وَالشَّفَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْبَقَ شَفَتَيْهِ وَحَرَّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْطَرِبُ بِذَلِكَ لِحْيَتُهُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>