للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيَّامٍ، وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

(قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَصَلَّيْتُ وَرَاءَهُ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ) وَهَلْ أَوَّلُهُ الصَّافَّاتُ أَوِ الْجَاثِيَةُ أَوِ الْفَتْحُ أَوِ الْحُجُرَاتُ أَوْ قَافٌ أَوِ الصَّفُّ أَوْ تَبَارَكَ أَوْ سَبِّحْ أَوِ الضُّحَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ، أَقْوَالٌ أَكْثَرُهَا مُسْتَغْرَبٌ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ الْحُجُرَاتُ، وَنَقَلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَوْلًا شَاذًّا أَنَّ الْمُفَصَّلَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ.

(ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِهَذِهِ الْآيَةِ {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: ٨] (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةُ ٨) تُمِلْهَا عَنِ الْحَقِّ بِابْتِغَاءِ تَأْوِيلِهِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِنَا، كَمَا زَاغَتْ قُلُوبُ أُولَئِكَ، (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) أَرْشَدْتَنَا إِلَيْهِ، {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ} [آل عمران: ٨] مِنْ عِنْدِكَ، (رَحْمَةً) تَثْبِيتًا {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨] ، قَالَ الْبَاجِيُّ: قِرَاءَتُهُ فِي الثَّالِثَةِ هَذِهِ الْآيَةَ ضَرْبٌ مِنَ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ، لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَأَجَازَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْقُنُوتَ فِي الْمَغْرِبِ، وَكُلِّ صَلَاةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَاهُ أَصْلًا.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قِرَاءَةُ النَّبِيِّ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَفِي الْعِشَاءِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَقِرَاءَةُ أَبِي بَكْرٍ بِمَا ذُكِرَ، كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَاحِ يَقْرَأُ بِمَا شَاءَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ مَا لَمْ يَكُنْ إِمَامًا فَلَا يُطَوِّلُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ، وَتَخْفِيفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً وَرُبَّمَا طَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ، وَقَدْ قَالَ: " «مَنْ أَمَّ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» " وَلَمْ يَحُدَّ شَيْئًا، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِبَغْدَادَ: تَسْقُطُ الْقِرَاءَةُ عَمَّنْ نَسِيَ فَإِنَّ النِّسْيَانَ مَوْضُوعٌ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ بِمِصْرَ، وَأَظُنُّهُ كَانَتْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ الشُّبْهَةُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ، فَذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؟ قِيلَ: حَسَنٌ، قَالَ: لَا بَأْسَ إِذًا.

وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، كَانَ مَالِكٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا، ثُمَّ رَمَاهُ مِنْ كِتَابِهِ، وَصَحَّ أَنَّ عُمَرَ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ بِإِقَامَةٍ، وَقَالَ: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ.

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ فَعَلَهُ، وَقَالَ: يَرَى النَّاسُ عُمَرَ يَفْعَلُ هَذَا فِي الْمَغْرِبِ فَلَا يُسَبِّحُونَ لَهُ وَلَا يُخْبِرُونَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>