وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ
ــ
١٠ - ١٠ - (مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ) زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٍ حُجَّةٍ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: بَعْدَهَا، لِمَالِكٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا عَشَرَةٌ (عَنْ) عَمِّهِ أَخِي أَبِيهِ لِأُمِّهِ (أَنَسِ بْنِ مَالِكِ) بْنِ النَّضْرِ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ. وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ (أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ) قَالَ ابْنُ عَبْدَ الْبَرِّ: هَذَا يَدْخُلُ عِنْدَهُمْ فِي الْمُسْنَدِ، وَصَرَّحَ بِرَفْعِهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ كِلَاهُمَا، عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: " «كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» " انْتَهَى.
وَهَذَا اخْتِيَارُ الْحَاكِمِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا مُسْنَدٌ، وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِضَافَتِهِ إِلَى زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ مَوْقُوفٌ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَوْرَدَهُ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ كَوْنَهُ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكٍ الْحَدِيثَ فَقَالَ فِيهِ: " كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (ثُمَّ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ) قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ السَّعَةُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ حِينَئِذٍ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُمْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِعِلْمِهِمْ بِمَا أُبِيحَ لَهُمْ مِنْ سَعَةِ الْوَقْتِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ الْعَصْرَ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَغِلُونَ بِأَعْمَالِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ وَزُرُوعِهِمْ وَحَوَائِطِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اجْتَمَعُوا لَهَا فَتَتَأَخَّرُ صَلَاتُهُمْ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute