مَالِكًا عَلَى إِرْسَالِهِ الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ فِي رِوَايَةٍ، وَوَصَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ الْمَازِنِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ) وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَدَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ كِلَاهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِهِ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي النَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ زَيْدٍ مَوْصُولًا، وَلِذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ الْإِرْسَالَ فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ مَنْ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ لِأَنَّهُمْ حُفَّاظٌ فَلَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ فِي وَصْلِهِ، وَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَتَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي إِسْنَادِهِ، قَالَ: إِنَّمَا قَصَرَ بِهِ مَالِكٌ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عِدَّةٌ مِنْهُمُ ابْنُ عَجْلَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ.
( «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّي» ) كَذَا بِالْيَاءِ لِلْإِشْبَاعِ كَقَوْلِهِ: {مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: ٩٠] (سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةَ ٩٠) (رَكْعَةً) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ( «وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ» ) أَيْ رَدَّهَا إِلَى الشَّفْعِ، قَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشَّفْعِ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُوتِرُهَا مِنْ زِيَادَةٍ وَجَبَ إِصْلَاحُ ذَلِكَ بِمَا يَشْفَعُهَا.
( «وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ» ) أَيْ إِغَاظَةٌ وَإِذْلَالٌ (لِلشَّيْطَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ لَبَّسَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَتَدَارَكَ مَا لَبَّسَهُ عَلَيْهِ فَأُرْغِمَ الشَّيْطَانُ وَرُدَّ خَاسِئًا مُبْعَدًا عَنْ مُرَادِهِ وَكَمُلَتْ صَلَاةُ ابْنِ آدَمَ وَامْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ، تَعَالَى، الَّذِي عَصَى بِهِ إِبْلِيسُ مِنِ امْتِنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الشَّاكَّ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَلَا يَجْزِيهِ التَّحَرِّي.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا شَكَّ اسْتَقْبَلَ وَإِنِ اعْتَرَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ تَحَرَّى وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَرْقٌ بَيْنَ مَنِ اعْتَرَاهُ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: الشَّكُّ عَلَى وَجْهَيْنِ الْيَقِينِ وَالتَّحَرِّي، فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ أَلْغَى الشَّكَّ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي وَهُوَ أَكْثَرُ الْوَهْمِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي يَرْوِيهِ مَنْصُورٌ وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: التَّحَرِّي هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْيَقِينِ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَأَيُّ مُتَحَرٍّ يَكُونُ لِمَنِ انْصَرَفَ وَهُوَ شَاكٌ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ تَحَرَّى عَلَى أَغْلَبِ ظَنِّهِ أَنَّ شُعْبَةً مِنَ الشَّكِّ تَصْحَبُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute