وَحَدَّثَنِي مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ ثُمَّ أَعْطَاهَا أَبَا جَهْمٍ وَأَخَذَ مِنْ أَبِي جَهْمٍ أَنْبِجَانِيَّةً لَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِمَ فَقَالَ إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ»
ــ
٢٢١ - ٢١٩ (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ) كَذَا أَرْسَلَهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ إِلَّا مَعْنُ بْنُ عِيسَى فَقَالَ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَذَا قَالَ كُلُّ أَصْحَابِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ» ) زَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: «فَكَادَ يَتَشَاغَلُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ (ثُمَّ أَعْطَاهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأَخَذَ مِنْ أَبِي جَهْمٍ أَنْبِجَانِيَّةً) » بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَخِفَّةِ الْجِيمِ فَأَلِفٍ فَنُونٍ فَيَاءٍ نِسْبَةُ كِسَاءٍ غَلِيظٍ لَا عَلَمَ لَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: يَجُوزُ فَتْحُ هَمْزَتِهِ وَكَسْرُهَا وَكَذَا الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ، قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَةَ إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ أَنْبِجَانَ لَا إِلَى مَنْبِجَ بِالْمِيمِ الْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ بِالشَّامِ، وَبِهِ رُدَّ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ: لَا يُقَالُ كِسَاءٌ أَنْبِجَانِيٌّ وَإِنَّمَا يُقَالُ مَنْبِجَانِيٌّ وَهَذَا مِمَّا يُخْطِئُ فِيهِ الْعَامَّةُ، وَرَدَ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنْبِجَانِيَّةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا رِوَايَةُ عَرَبٍ فُصَحَاءَ، وَمِنَ النَّسَبِ مَا لَا يَجْرِي عَلَى قِيَاسٍ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى مَنْبِجَ (لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِمَ) فَعَلْتَ هَذَا؟ ( «فَقَالَ: إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ» ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: " «فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي» " وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْحَدِيثِ سُؤَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا كَيْفَ يَخَافُ الِافْتِتَانَ بِعَلَمٍ مَنْ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْأَكْوُنِ بِلَيْلَةِ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ خَارِجًا عَنْ طِبَاعِهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ نَظَرَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَإِذَا، رُدَّ إِلَى طِبَاعِهِ أَثَّرَ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَشَرِ.
الثَّانِي: الْمُرَاقَبَةُ فِي الصَّلَاةِ شَغَلَتْ خَلْقًا مِنْ أَتْبَاعِهِ حَتَّى أَنَّهُ وَقَعَ السَّقْفُ إِلَى جَانِبِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَلَمْ يَعْلَمْ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ أُولَئِكَ كَانُوا يُؤْخَذُونَ عَنْ طِبَاعِهِمْ فَيُغَيَّبُونَ عَنْ وُجُودِهِمْ وَكَانَ الشَّارِعُ يَسْلُكُ طَرِيقَ الْخَوَاصِّ وَغَيْرِهِمْ، فَإِذَا سَلَكَ طَرِيقَ الْخَوَاصِّ عَبَرَ الْكُلَّ فَقَالَ: لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقَ غَيْرِهِمْ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ» ، فَرُدَّ إِلَى حَالَةِ الطَّبْعِ لِيُسْتَنَّ بِهِ فِي تَرْكِ كُلِّ شَاغِلٍ اهـ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute