بْنَ سَهْلٍ (كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي حَائِطٍ لَهُ أَيْ: بُسْتَانٍ (فَطَارَ دُبْسِيٌّ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: طَائِرٌ يُشْبِهُ الْيَمَامَةَ وَقِيلَ هُوَ الْيَمَامَةُ نَفْسُهَا وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى دِبِسِ الرُّطَبِ لِأَنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ فِي النِّسَبِ (فَطَفِقَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَعَلَ (يَتَرَدَّدُ يَلْتَمِسُ مَخْرَجًا) قَالَ الْبَاجِيُّ: يَعْنِي أَنَّ اتِّسَاقَ النَّخْلِ وَاتِّصَالَ جَرَائِدِهَا كَانَتْ تَمْنَعُ الدُّبْسِيُّ مِنَ الْخُرُوجِ فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ وَيَطْلُبُ الْمَخْرَجَ (فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ) سُرُورًا بِصَلَاحِ مَالِهِ وَحُسْنِ إِقْبَالِهِ.
( «فَجَعَلَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَلَاتِهِ» ) بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَتَفْرِيغِ نَفْسِهِ لِتَمَامِهَا.
( «فَإِذَا هُوَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَقَالَ: لَقَدْ أَصَابَتْنِي فِي مَالِي هَذَا فِتْنَةٌ» ) أَيْ، اخْتِبَارٌ أَيِ، اخْتُبِرْتُ فِي هَذَا الْمَالِ فَشُغِلْتُ عَنِ الصَّلَاةِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: كُلُّ مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فِي دِينِهِ فَقَدْ فُتِنَ وَالْفِتْنَةُ لُغَةٌ عَلَى وُجُوهٍ.
( «فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي أَصَابَهُ فِي حَائِطِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ صَدَقَةٌ لِلَّهِ فَضَعْهُ حَيْثُ شِئْتَ» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَرَادَ إِخْرَاجَ مَا فُتِنَ بِهِ مِنْ مَالِهِ وَتَكْفِيرَ اشْتِغَالِهِ عَنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا كَانَ يَقِلُّ مِنْهُمْ وَيَعْظُمُ فِي نُفُوسِهِمْ، وَصَرَفَ ذَلِكَ إِلَى اخْتِيَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِلْمِهِ بِأَفْضَلِ مَا تُصْرَفُ إِلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَطْعًا لِمَادَّةِ الْفِكْرِ وَكَفَّارَةً لِمَا جَرَى مِنْ نُقْصَانِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الدَّوَاءُ الْقَاطِعُ لِمَادَّةِ الْعِلَّةِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ غَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ فِيهِ: إِنَّ كُلَّ مَا جُعِلَ لِلَّهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهًا أَنَّ لِلْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ الْفَاضِلِ أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ رَأَى مِنْ سُبُلِ الْبِرِّ وَيُنَفِّذُ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ لِلَّهِ، وَلَيْسَتِ الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute