ابْنِ سَلَامٍ هَذَا فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ نَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا سَاعَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ افْتَرَقُوا فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَيْضًا كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَالطَّرْطُوشِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ، وَحَكَى الْعَلَائِيُّ أَنَّ شَيْخَهُ الزَّمَلْكَانِيَّ شَيْخَ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَقْتِهِ كَانَ يَخْتَارُهُ وَيَحْكِيهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ» ".
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَجْوَدُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّهُ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ، وَرَجَّحَ أَيْضًا بِكَوْنِهِ مَرْفُوعًا وَفِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ: وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَسَلَّمَهُ الذَّهَبِيُّ، وَوَرَدَ تَعْيِينُ السَّاعَةِ بِأَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مَرْفُوعًا نَصًّا كَمَا مَرَّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالتَّرْجِيحُ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا يَكُونُ مِمَّا انْتَقَدَهُ الْحُفَّاظُ كَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا فَإِنَّهُ أُعِلَّ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاضْطِرَابِ، أَمَّا الِانْقِطَاعُ فَلِأَنَّ مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ نَفْسِهِ وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُوسَى ابْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَخْرَمَةَ وَزَادَ: إِنَّمَا هِيَ كُتُبٌ كَانَتْ عِنْدَنَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ أَنَّهُ قَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ سَمِعْتُ أَبِي.
وَلَا يُقَالُ مُسْلِمٌ يَكْتَفِي فِي الْمُعَنْعَنِ بِإِمْكَانِ اللِّقَاءِ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
لِأَنَّا نَقُولُ: وُجُودُ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ كَافٍ فِي دَعْوَى الِانْقِطَاعِ، وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَوَاصِلٌ الْأَحْدَبُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ: وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبُو بُرْدَةَ كُوفِيٌّ فَهُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِ مِنْ بُكَيْرٍ الْمَدَنِيِّ وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ، وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي بُرْدَةَ مَرْفُوعًا لَمْ يُفْتِ فِيهِ بِرَأْيِهِ بِخِلَافِ الْمَرْفُوعِ، وَلِهَذَا جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ هُوَ الصَّوَابُ، وَسَلَكَ صَاحِبُ الْهَدْيِ مَسْلَكًا آخَرَ فَاخْتَارَ أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُعَارِضُ الْآخَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ وَعَلَى الْآخَرِ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَهَذَا كَقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي يَنْبَغِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute