مَا) نَافِيَةٌ (مِنْ) زَائِدَةٌ (امْرِئٍ) مُحَرُّرٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ اسْمُ مَا إِنْ جُعِلَتْ حِجَازِيَّةً، وَعَلَى الِابْتِدَاءِ إِنْ جُعِلَتْ تَمِيمِيَّةً ( «تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: هُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَذْهَبَ بِهِ النَّوْمُ فَلَا يَسْتَيْقِظَ. وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَيْقِظَ وَيَمْنَعَهُ غَلَبَةُ النَّوْمِ مِنَ الصَّلَاةِ فَهَذَا حُكْمُهُ أَنْ يَنَامَ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ مَانِعُ النُّوَّمِ (إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ) الَّتِي اعْتَادَهَا وَغَلَبَهُ النَّوْمُ أَحْيَانًا مُكَافَأَةً لَهُ عَلَى نِيَّتِهِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: وَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ أَجْرَهَا غَيْرَ مُضَاعِفٍ وَلَوْ عَمِلَهَا لَضُوعِفَ لَهُ أَجْرُهَا إِذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ أَكْمَلُ حَالًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لَهُ أَجْرَ نِيَّتِهِ وَأَنَّ لَهُ أَجْرَ مَنْ تَمَنَّى أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ الصَّلَاةَ أَوْ أَجْرَ تَأَسُّفِهِ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهَا، وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ الْأَوَّلَ أَيْ أَجْرَ نِيَّتِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ: ( «وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ وَيُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الْمُصَلِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ: إِنَّ الْمَرْءَ يُجَازَى عَلَى مَا نَوَى مِنَ الْخَيْرِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ كَمَا لَوْ عَمِلَهُ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إِذَا لَمْ يَحْبِسْهُ عَنْهُ شُغْلُ دُنْيَا وَكَانَ الْمَانِعُ مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّ النِّيَّةَ يُعْطَى عَلَيْهَا كَالَّذِي يُعْطَى عَلَى الْعَمَلِ إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَانِعِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَنِيَّةُ الْفَاجِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ» " وَمَعْنَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ بِلَا عَمَلٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ بِلَا نِيَّةٍ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ بِدُونِهَا لَا يَنْفَعُ وَالنِّيَّةُ الْحَسَنَةُ تَنْفَعُ بِلَا عَمَلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَقْوَى عَلَيْهِ مِنْهَا انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ وَتَابَعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute