خَصَّهُ اللَّهُ بِالْعِصْمَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ التَّضْيِيعَ لِلصَّلَاةِ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُنَا أَنْ لَا يُقِيمَ حُدُودَهَا مِنْ مُرَاعَاةِ وَقْتٍ وَطَهَارَةٍ وَإِتْمَامِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّيهَا انْتَهَى.
وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَادَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «خَمْسٌ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ» (كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَدْخُلَهُ الْجَنَّةَ) مَعَ السَّابِقَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ عَذَابٍ، وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِ عُبَادَةَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ جَعْلُهُ الْعَهْدَ لِمَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَيُفِيدُ دُخُولَهَا وَإِنْ لَمْ يَجِئْ بِغَيْرِهِنَّ وَمِنْهُ الْوِتْرُ، وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنَ الْوَجْهِ الْآخَرِ عَنْ عُبَادَةَ: " «كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ» " وَالْجُمْلَةُ فِي هَذَا وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنْ يُدْخِلَهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ أَيْ هُوَ أَنْ. . . . . إِلَخْ، أَوْ صِفَةُ عَهْدٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْ عَهْدٍ وَهُوَ الْأَمَانُ وَالْمِيثَاقُ وَعَهْدُ اللَّهِ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ.
(وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ) عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا ( «فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» ) عَدْلًا ( «وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» ) بِرَحْمَتِهِ فَضْلًا، وَفِيهِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ وَلَا يَتَحَتَّمُ عَذَابُهُ بَلْ هُوَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَادَةَ بِنَحْوِهِ فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute