الظَّنَّ بِأَنَّهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ رَأْسًا.
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: نِيَّةُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ.
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الِانْتِفَاعُ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَعَوْدُ بَرَكَةِ الْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ.
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: قِيَامُ نِظَامِ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْجِيرَانِ وَحُصُولِ تَعَاهُدِهِمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ.
فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَصْلَةً وَرَدَ فِي كُلٍّ مِنْهَا أَمْرٌ أَوْ تَرْغِيبٌ يَخُصُّهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا أَمْرَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْجَهْرِيَّةِ وَهَمَا: الْإِنْصَاتُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا، وَالتَّأْمِينُ عِنْدَ تَأْمِينِهِ لِيُوَافِقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ أَنَّ السَّبْعَ تَخْتَصُّ بِالْجَهْرِيَّةِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ بَعْضَهَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً دُونَ بَعْضٍ كَالتَّبْكِيرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ، وَانْتِظَارِ إِحْرَامِ الْإِمَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِقَاصِدِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ، وَمُقْتَضَى الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ اخْتِصَاصُ التَّضْعِيفِ بِالْمَسْجِدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي نَظَرِي، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّمَا يَسْقُطُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ ثَلَاثَةٌ: الْمَشْيُ وَالدُّخُولُ وَالتَّحِيَّةُ، فَيُمْكِنُ أَنْ تُعَوَّضَ مِنْ بَعْضِ مَا ذُكِرَ مِمَّا يُشْتَمَلُ عَلَى خَصْلَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ أُقِيمَتَا مَقَامَ خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْأَخِيرَتَيْنِ، لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ غَيْرُ مَنْفَعَةِ عَوْدِ بِرْكَةِ الْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ، وَكَذَا فَائِدَةُ قِيَامِ نِظَامِ الْأُلْفَةِ غَيْرُ فَائِدَةِ حُصُولِ التَّعَهُّدِ، وَكَذَا فَائِدَةُ أَمْنِ الْمَأْمُومِينَ مِنَ السَّهْوِ غَالِبًا غَيْرُ فَائِدَةِ تَنْبِيهِ الْإِمَامِ إِذَا سَهَا، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُعَوَّضُ بِهَا الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ، قَالَ: وَدَلَّ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى تَسَاوِي الْجَمَاعَاتِ فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ جَمَاعَةٍ، قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَوَّاهُ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ فَهُمَا جَمَاعَةٌ لَهُمَا التَّضْعِيفُ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي أَصْلِ الْحُصُولِ لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي مَزِيدَ الْفَضْلِ لَمَّا كَانَ أَكْثَرَ لَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ النَّصِّ الْمُصَرَّحِ بِهِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا: " «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ» " وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ قَبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْأَلْفِ مُثَلَّثَةٍ وَأَبَوْهُ بِمُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ بِوَزْنِ أَحْمَرَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ فَعَلَى عَدَدِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَهَذَا مَوْقُوفٌ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ انْتَهَى.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ بِزِيَادَةٍ عُلِمَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute