- (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ (عَنِ الْأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) قَسَمٌ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْسِمُ بِهِ كَثِيرًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ نُفُوسَ الْعِبَادِ بِيَدِ اللَّهِ أَيْ بِتَقْدِيرِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَفِيهِ جَوَازُ الْقَسَمِ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ شَأْنِهِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ كَرِهَ الْحَلِفَ بِاللَّهِ مُطْلَقًا.
(لَقَدْ هَمَمْتُ) اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ وَالْهَمُّ الْعَزْمُ وَقِيلَ دُونَهُ، وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ فَأَفَادَ سَبَبُ الْحَدِيثِ (أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ) بِالْفَاءِ وَالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْمَنْصُوبِ وَكَذَا الْأَفْعَالُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَهُ، قَالَ الْحَافِظُ: أَيْ يُكْسَرُ لِيُسَهِّلَ اشْتِعَالَ النَّارِ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُتَّصَفَ بِهِ تَجَوُّزًا بِمَعْنَى أَنَّهُ سَيُتَّصَفُ بِهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يُقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ مَعْنَى يَحْطِبُ يَكْسِرُ بَلِ الْمَعْنَى يَجْمَعُ.
(ثُمَّ آمُرَ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْمِيمِ (بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ) أَيْ آتِيهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: خَالَفَ إِلَى فُلَانٍ أَيْ أَتَاهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ وَالْمَعْنَى أُخَالِفُ الْفِعْلَ الَّذِي أَظْهَرْتُ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَأَتْرُكُهُ وَأَسِيرُ إِلَيْهِمْ، أَوْ أُخَالِفُ ظَنَّهُمْ فِي أَنِّي مَشْغُولٌ بِالصَّلَاةِ عَنْ قَصْدِي إِلَيْهِمْ، أَوْ مَعْنَى أُخَالِفُ أَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى قَصْدِ الْمَذْكُورِينَ وَالتَّقْيِيدُ بِرِجَالٍ مُخْرِجٌ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
(فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ) بِالنَّارِ عُقُوبَةً، وَأُحَرِّقُ بِشَدِّ الرَّاءِ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّحْرِيقِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْمَالِ بَلِ الْمُرَادُ تَحْرِيقُ الْمَقْصُودِينَ وَالْبُيُوتُ تَبَعٌ لِلْقَاطِنِينَ بِهَا، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " فَأُحَرِّقَ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا " (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) أَعَادَ الْيَمِينَ مُبَالَغَةً فِي التَّأْكِيدِ (لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا) وَلِلتِّنِيسِي عَرَقًا سَمِينًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَرَقُ الْعَظْمُ بِلَا لَحْمٍ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لَحْمٌ فَهُوَ عِرَاقٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: الْعَرْقُ بِسُكُونِ الرَّاءِ قِطْعَةُ لَحْمٍ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَاحِدُ الْعِرَاقِ وَهِيَ الْعِظَامُ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا هُبَرُ اللَّحْمِ وَيَبْقَى عَلَيْهَا لَحْمٌ رَقِيقٌ فَيُكْسَرُ وَيُطْبَخُ وَيُؤْكَلُ مَا عَلَى الْعِظَامِ مِنْ لَحْمٍ رَقِيقٍ وَيَتَمَشْمَشُ الْعِظَامُ، وَقَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ هُوَ اللَّائِقُ هُنَا.
(أَوْ مِرْمَاتَيْنِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقَدْ تُفْتَحُ تَثْنِيَةُ مِرْمَاةٌ قَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ مَا بَيْنَ ظِلْفَيِ الشَّاةِ مِنَ اللَّحْمِ حَكَاهُ أَبُو عَبِيدٍ وَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ.
وَنَقَلَ الْمُسْتَمْلِيُّ عَنِ الْفِرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ: الْمِرْمَاةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِثْلُ: مِنْسَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute