مَرِضَ مَالِكٌ يَوْمَ الْأَحَدِ فَأَقَامَ مَرِيضًا اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَمَاتَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ. وَقِيلَ: لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ: تُوُفِّيَ مَالِكٌ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً، وَأَقَامَ مُفْتِيًا بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ سِتِّينَ سَنَةً. وَتَرَكَ مِنَ الْأَوْلَادِ يَحْيَى وَمُحَمَّدًا وَحَمَّادًا وَأُمَّ أَبِيهَا. قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: وَيَحْيَى يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ نُسْخَةً مِنَ الْمُوَطَّأِ، وَيُرْوَى عَنْهُ بِالْيَمَنِ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَدِمَ مِصْرَ وَكَتَبَ عَنْهُ، حَدَّثَ عَنْهُ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، انْتَهَى.
وَلِمُحَمَّدٍ ابْنِ الْإِمَامِ ابْنٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ سَمِعَ جَدَّهُ مَالِكًا وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، ذَكَرَهُ الْبَرْقَانِيُّ فِي كِتَابِ " الضُّعَفَاءِ "، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ، وَبَلَغَتْ تَرِكَةُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ وَثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَنَيِّفًا. قَالَ بَكْرُ بْنُ سُلَيْمٍ الصَّوَّافُ: دَخَلْنَا عَلَى مَالِكٍ فِي الْعَشِيَّةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا فَقُلْنَا: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ سَتُعَايِنُونَ غَدًا مِنْ عَفْوِ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابٍ، قَالَ: ثُمَّ مَا رُحْنَا حَتَّى أَغْمَضْنَاهُ. رَوَاهُ الْخَطِيبُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ. وَرَأَى عُمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ لَيْلَةَ مَاتَ مَالِكٌ قَائِلًا يَقُولُ:
لَقَدْ أَصْبَحَ الْإِسْلَامُ زُعْزِعَ رُكْنُهُ ... غَدَاةَ ثَوَى الْهَادِي لَدَى مُلْحَدِ الْقَبْرِ
إِمَامُ الْهُدَى مَا زَالَ لِلْعِلْمِ صَائِنًا ... عَلَيْهِ سَلَامُ اللَّهِ فِي آخِرِ الدَّهْرِ
قَالَ: فَانْتَبَهْتُ وَكَتَبْتُ الْبَيْتَيْنِ فِي السِّرَاجِ وَإِذَا بِصَارِخَةٍ عَلَى مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
الرُّوَاةُ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ:
وَالرُّوَاةُ عَنْهُ فِيهِمْ كَثْرَةٌ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ رُوَاةٌ كَرُوَاتِهِ. وَقَدْ أَلَّفَ الْخَطِيبُ كِتَابًا فِي الرُّوَاةِ عَنْهُ أَوْرَدَ فِيهِ أَلْفَ رَجُلٍ إِلَّا سَبْعَةً. وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ أَلَّفَ فِيهِمْ كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ نَيِّفًا عَلَى أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ اسْمٍ، وَعَدَّ فِي مَدَارِكِهِ نَيِّفًا عَلَى أَلْفٍ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا ذَكَرْنَا الْمَشَاهِيرَ وَتَرَكْنَا كَثِيرًا، فَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ مِنَ التَّابِعِينَ:
ابْنُ شِهَابٍ مَاتَ قَبْلَ مَالِكٍ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَأَبُو الْأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ مَاتَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ مَاتَ قَبْلَهُ بِتِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَرَبِيعَةُ بِثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بِثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ، وَنَافِعٌ الْقَارِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، وَأَبُو النَّضْرِ سَالِمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ وَمَاتَ قَبْلَهُ بِثَلَاثِينَ، وَسُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، وَخَلْقٌ.
وَمِنْ أَقْرَانِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute