(مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرٍو) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (ابْنِ رَافِعٍ) الْعَدَوِيِّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيِّ مَقْبُولٌ (أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفًا لِحَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي) أَعْلِمْنِي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ مِنْ أَمْلَى وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ مِنْ أَمْلَلَ يُمْلِلُ أَيْ أَلْقَتْ (عَلَيَّ) يُقَالُ: أَمْلَلْتُ الْكِتَابَ عَلَى الْكَاتِبِ إِمْلَالًا أَلْقَيْتُهُ عَلَيْهِ وَأَمْلَيْتُهُ عَلَيْهِ إِمْلَاءً، فَالْأُولَى لُغَةُ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ وَالثَّانِيَةُ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ، وَمَا جَاءَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِهِمَا: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: ٢٨٢] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٢٨٢) فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ) بِالْوَاوِ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] ، وَرُوِيَ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إِثْبَاتَ الْوَاوِ وَسُقُوطَهَا سَوَاءٌ كَقَوْلِهِ:
أَنَا الْمَلِكُ الْقَرْمُ وَابْنُ الْهُمَامِ ... وَلَيْثُ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ
أَرَادَ الْقَرْمَ ابْنَ الْهُمَامِ، وَقَوْلُهُ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: ٩٨] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٩٨) يُرِيدُ وَمَلَائِكَتِهِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَ {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: ٦٨] (سُورَةُ الرَّحْمَنِ: الْآيَةُ ٦٨) أَيْ فَاكِهَةُ نَخْلٍ وَرُمَّانٍ، وَخُولِفَ هَذَا الْقَائِلُ فِي ذَلِكَ، وَمَالِكٌ رَوَى حَدِيثَ حَفْصَةَ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَهُ وَزَادَ عَنْ حَفْصَةَ: هَكَذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ حَفْصَةَ أَمَرَتْ مَوْلًى لَهَا أَنْ يَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا، قَالَ نَافِعٌ: فَقَرَأْتُ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ فَوَجَدْتُ فِيهِ الْوَاوَ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، قَالَ الْحَافِظُ: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ مِنْ حُجَجِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا غَيْرُ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، فَتَكُونُ الْعَصْرُ غَيْرَ الْوُسْطَى، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْوَاوِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ " بِغَيْرِ وَاوٍ، وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهَا عَاطِفَةٌ لَكِنْ عَطْفَ صِفَةٍ لَا عَطْفَ ذَاتٍ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ عُرْوَةَ كَانَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute