مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَرِوَايَةُ الْإِرْسَالِ لَا تَضُرُّ فِي رِوَايَةِ مَنْ وَصَلَهُ لِأَنَّ يُونُسَ مِنِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ، احْتَجَّ بِهِ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ، وَتَابَعَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَتَابَعَ مَالِكًا عَلَى إِرْسَالِهِ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَوَصَلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبَانٍ الْعَطَّارِ عَنْ مَعْمَرٍ، لَكِنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَثْبَتُ فِي مَعْمَرٍ مَنْ أَبَانٍ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مُرْسَلًا وَمَوْصُولًا.
(حِينَ قَفَلَ) أَيْ رَجَعَ، وَالْقُفُولُ الرُّجُوعُ مِنَ السَّفَرِ، وَلَا يُقَالُ لِمَنْ سَافَرَ مُبْتَدِئًا: قَفَلَ إِلَّا الْقَافِلَةُ تَفَاؤُلًا.
(مِنْ) غَزْوَةِ (خَيْبَرَ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ آخِرَهُ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ حُنَيْنٍ بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ يَعْنِي حَتَّى لَا يُخَالِفَ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ لِأَنَّ طَرِيقَهَا غَيْرُ طَرِيقِ خَيْبَرَ، وَرَّدَهُ أَبُو عُمَرَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ طَرِيقَهُمَا مِنَ الْمَدِينَةِ وَاحِدٌ فَلَا خُلْفَ، فَلَا يُحْتَاجُ لِدَعْوَى التَّصْحِيفِ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: مَا قَالَهُ الْأَصِيلِيُّ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ. انْتَهَى.
وَالْمُرَادُ مِنْ خَيْبَرَ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ فَتْحِ وَادِي الْقُرَى لِأَنَّ النَّوْمَ كَانَ حِينَ قَرُبَ مِنَ الْمَدِينَةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عِمْرَانَ وَأَبِي قَتَادَةَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ بِالْإِبْهَامِ.
وَفِي مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَقْبَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ لَيْلًا» .
وَيَأْتِي مِنْ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو بِطَرِيقِ تَبُوكَ.
قَالَ الْحَافِظُ: فَاخْتِلَافُ الْمَوَاطِنِ يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ نَوْمُهُمْ عَنِ الصُّبْحِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ؟ فَجَزَمَ الْأَصِيلِيُّ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَرَدَّهُ عِيَاضٌ بِمُغَايَرَةِ قِصَّةِ أَبِي قَتَادَةَ لِقِصَّةِ عِمْرَانَ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَحَاوَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْجَمْعَ بِأَنَّ زَمَانَ رُجُوعِهِمْ مِنْ خَيْبَرَ قَرِيبٌ مِنْ زَمَانِ رُجُوعِهِمْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَطَرِيقُ مَكَّةَ تَصْدُقُ بِهَا وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ، وَرِوَايَةُ غَزْوَةِ تَبُوكَ تَرُدُّ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
لَكِنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ ذَكَرَهَا وَقَالَ: إِنَّهَا مُرْسَلَةٌ مِنْ عَطَاءٍ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْآثَارَ الصِّحَاحَ الْمُسْنَدَةَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ. انْتَهَى.
وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى حَدِيثَيْ عُقْبَةَ وَابْنِ عَمْرٍو، أَوْ لَمْ يَصِحَّا عِنْدَهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتُلِفَ هَلْ كَانَ النَّوْمُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ؟ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ.
(أَسْرَى) سَارَ لَيْلًا يُقَالُ: سَرَى وَأَسْرَى لُغَتَانِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ أَسْرَعَ، وَفِي مُسْلِمٍ سَارَ لَيْلَةً، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ذِي مِخْبَرٍ: وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِقِلَّةِ الزَّادِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ انْقَطَعَ النَّاسُ وَرَاءَكَ، فَحَبَسَ وَحَبَسَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى تَكَامَلُوا إِلَيْهِ فَقَالَ: " هَلْ لَكُمْ أَنْ نَهْجَعَ هَجْعَةً» ". فَنَزَلَ وَنَزَلُوا.
( «حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» ) وَفِي مُسْلِمٍ: حَتَّى أَدْرَكَهُ الْكَرَى وَهُوَ بِزِنَةِ عَصَا: النُّعَاسُ، وَقِيلَ: أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ بَيْنَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو: حَتَّى إِذَا كَانَ