دُعَاءُ خُشُوعٍ وَالْعِبَادَةُ طَاعَةٌ إِقَامَتُهَا إِقْرَارُهُ بِالْعُبُودِيَّه
سُكُوتُ صَلَاةٍ وَالْقِيَامُ وَطُولُهُ كَذَاكَ دَوَامُ الطَّاعَةِ الرَّابِحُ الْقُنْيَه
٣٧٩ - ٣٧٩ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ) بَلْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّرْجَمَةِ مَا فِيهِ قُنُوتٌ عَلَى مُعْتَقَدِهِ مِنَ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ، بَلْ أُدْخِلَ فِعْلُ ابْنُ عُمَرَ مُخَالِفًا لِمُعْتَقَدِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يُذْكَرْ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى غَيْرُ ذَلِكَ، وَفِي أَكْثَرِ الْمُوَطَّآتِ بَعْدَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْوَتْرِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ إِذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ انْتَهَى.
وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَثَبَتَ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ» .
وَحَكَى الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ مِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءُ.
وَمِنَ التَّابِعِينَ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحُمَيْدُ الطَّوِيلُ وَالرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَطَاوُسٌ وَغَيْرُهُمْ.
وَمِنَ الْأَئِمَّةِ: مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَقْنُتُونَ لِأَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَ إِثْبَاتٌ وَنَفْيٌ قُدِّمَ الْإِثْبَاتُ عَلَى النَّفْيِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «سُئِلَ أَنَسٌ: أَقَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: أَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا» ، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْقُنُوتِ فَقَالَ: قَدْ كَانَ الْقُنُوتُ، قُلْتُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَبْلَهُ قُلْتُ: فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ: كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أَرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَغَدَرُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ» .
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقُنُوتِ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتُوا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْضُهُمْ بَعْدَهُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ جَعَلَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَيْ دَائِمًا عُثْمَانُ لِكَيْ يُدْرِكَ النَّاسُ الرَّكْعَةَ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَمَجْمُوعُ مَا جَاءَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقُنُوتَ لِلْحَاجَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا لِغَيْرِ الْحَاجَةِ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، قَالَ: وَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ أَنَسٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ