وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ»
ــ
٤٠٤ - ٤٠٤ - (مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ) مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) » لِتَنْزِلَ الرَّحْمَةُ فِيهِ وَالْبُعْدُ عَنِ الرِّيَاءِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: قِيلَ: النَّافِلَةُ، وَقِيلَ: الْمَكْتُوبَةُ لِتَعْلِيمِ الْأَهْلِ حُدُودَ الصَّلَاةِ مُعَايَنَةً، وَهُوَ أَثْبَتُ أَحْيَانًا مِنَ التَّعْلِيمِ بِالْقَوْلِ، وَ " مِنْ " عَلَى الْأَوَّلِ زَائِدَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي تَبْعِيضِيَّةٌ؛ قَالَهُ فِي التَّمْهِيدِ.
وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: قِيلَ: النَّافِلَةُ، وَقِيلَ: الْفَرِيضَةُ لِيَقْتَدِيَ بِكُمْ أَهْلُوكُمْ وَمَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَنْ يَلْزَمُكُمْ تَعْلِيمُهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦] (سُورَةُ التَّحْرِيمِ: الْآيَةُ ٦) أَيْ: عَلِّمُوهُمْ، وَالصَّلَاةُ إِذَا أُطْلِقَتْ إِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْمَكْتُوبَةُ فَلَا يُخْرَجُ عَنْ حَقِيقَةِ مَعْنَاهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» " وَلَمْ يَخُصَّ جَمَاعَةً مِنَ الْجَمَاعَةِ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «أَكْرِمُوا بُيُوتَكُمْ بِبَعْضِ صَلَاتِكُمْ» " انْتَهَى.
فَأَوْمَأَ إِلَى تَرْجِيحِ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرِيضَةُ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الصَّحِيحُ النَّافِلَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ نَافِعٍ؛ إِذْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَ التَّخَلُّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالنِّسَاءُ يَخْرُجْنَ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَيَتَعَلَّمْنَ، وَأَيْضًا فَقَدْ يُعَلِّمُ أَهْلَهُ بِالْقَوْلِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ وَالْمُرَادُ النَّوَافِلُ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صِلَاتِهِ» " قَالَ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ.
وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ، عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ اجْعَلُوا بَعْضَ فَرَائِضِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لِيَقْتَدِيَ بِكُمْ مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ نِسْوَةٍ وَغَيْرِهِنَّ، وَهَذَا وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute