للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَهْوَائِهِمْ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ إِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَمَلُ بِرٍّ وَهَوًى بَدَءُوا بِعَمَلِ الْبِرِّ وَقَدَّمُوهُ عَلَى مَا يَهْوُونَ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ} [النور: ٣٧] (سُورَةُ النُّورِ: الْآيَةُ ٣٧) الْآيَةَ، فَإِذَا كَانُوا فِي أَشْغَالِهِمْ وَسَمِعُوا نِدَاءَ الصَّلَاةِ قَامُوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوا أَشْغَالَهُمْ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: مَدَحَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِذَلِكَ زَمَانَهُ، وَقَرْنُهُ خَيْرُ الْقُرُونِ الْمَمْدُوحُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِيهِ أَنَّ تَضْيِيعَ حُرُوفِ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، (وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ) لِاشْتِغَالِهِمْ بِحُظُوظِ أَنْفُسِهِمْ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ (كَثِيرٌ قُرَّاؤُهُ يُحْفَظُ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ وَتُضَيَّعُ حُدُودُهُ) عَابَ آخِرَ الزَّمَانِ بِأَنَّ قُرَّاءَهُ لَا يَفْقَهُونَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ وَإِنَّمَا غَايَتُهُمْ مِنْهُ تِلَاوَتُهُ، وَفِيهِ أَنَّ كَثْرَةَ الْقُرَّاءِ دَلِيلٌ عَلَى تَغَيُّرِ الزَّمَانِ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا: " «أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا» " وَقَالَ مَالِكٌ: قَدْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَالْعِيَانُ فِي أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ عَلَى صِحَّةِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ كَالْبُرْهَانِ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ (كَثِيرٌ مَنْ يَسْأَلُ) لِقِلَّةِ الصَّبْرِ وَالتَّعَفُّفِ (قَلِيلٌ مِنْ يُعْطِي) لِكَثْرَةِ شُحِّ الْأَغْنِيَاءِ وَمَنْعِهِمْ (يُطِيلُونَ فِيهِ الْخُطْبَةَ وَيَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ) مُخَالَفَةً لِلسُنَّةِ أَوْ وَعْظُهُمْ كَثِيرٌ وَعَمَلُهُمْ قَلِيلٌ (يُبْدُونَ فِيهِ أَهْوَاءَهُمْ قَبْلَ أَعْمَالِهِمْ) حُبًّا لِاتِّبَاعِ الْهَوَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>