وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ»
ــ
٤٢٢ - ٤٢٢ - (مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) يُرْوَى بِرَفْعِ أَحَبَّ اسْمُ كَانَ وَنَصْبُهُ خَبَرٌ، وَالِاسْمُ قَوْلُهُ (الَّذِي يَدُومُ) يُوَاظِبُ (عَلَيْهِ صَاحِبُهُ) وَإِنْ قَلَّ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنَ الْكَثِيرِ الَّذِي يُفْعَلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يُتْرَكُ وَيُتْرَكُ الْعَزْمُ عَلَيْهِ، وَالْعَزْمُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِمَّا يُثَابُ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَسْتَمِرُّ الطَّاعَةُ بِالذِّكْرِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ الشَّاقِّ حَتَّى يَنْمُوَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إِنَّمَا أُحِبُّ الدَّائِمَ لِمَعْنَيَيْنِ؛ أَحَدِهِمَا: أَنَّ التَّارِكَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ كَالْمُعْرِضِ بَعْدَ الْوَصْلِ وَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِلذَّمِّ، وَلِذَا وَرَدَ الْوَعِيدُ فِي حَقِّ مَنْ حَفِظَ آيَةً ثُمَّ نَسِيَهَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حِفْظِهَا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ.
ثَانِيهِمَا: أَنَّ مُدَاوِمَ الْخَيْرِ مُلَازِمٌ لِلْخِدْمَةِ وَلَيْسَ مَنْ لَازَمَ الْبَابَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَقْتًا مَا كَمَنَ لَازَمَ يَوْمًا كَامِلًا ثُمَّ انْقَطَعَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يُوَضِّحُ أَنَّ حَدِيثَ: «عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» ، وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ؛ ضَمِيرٌ إِلَيْهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ أَيْضًا: " «وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ وَلَا خَلَفَ بَيْنِهِمَا فَمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ كَانَ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِهِ» " وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute