للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ أَخَوَانِ فَهَلَكَ) أَيْ مَاتَ وَهِيَ لَفْظَةٌ لَيْسَتْ مُسْتَنْكَرَةٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَالزَّمَنِ الْقَدِيمِ، قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [غافر: ٣٤] (سُورَةُ غَافِرٍ: الْآيَةُ ٣٤) فَأَمَّا الْآنَ فَاسْتَعْمَلُوهَا فِيمَنْ مَاتَ كَافِرًا أَوْ ظَاهِرًا فُجُورُهُ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا الْآنَ فِي الْمُسْلِمِ الْمَيِّتِ.

(أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَذُكِرَتْ فَضِيلَةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِيهِ جَوَازُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْإِخْبَارِ بِفَضْلِهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: " «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» " وَإِنَّمَا يَجُوزُ الثَّنَاءُ بِفِعْلِهِ وَلَا يُخْبِرُ بِمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَغِيبٌ عَنَّا، وَأَمَّا الْحَيُّ فَإِنْ خِيفَ فِتْنَتُهُ بِذِكْرِ مَحَاسِنِهِ مُنِعَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ سَمِعَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي الْمَدْحِ: " «أَهْلَكْتُمْ أَوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ» " وَإِنْ لَمْ يُخَفْ جَازَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» " قَالَهُ الْبَاجِيُّ.

فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (" أَلَمْ يَكُنِ الْآخَرُ ") بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُتَأَخِّرِ فِي الْوَفَاةِ وَفَتْحِهَا؛ أَيِ: الْأَخِّ الَّذِي تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ، عَنْ أَخِيهِ (مُسْلِمًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ) قَالَ الْبَاجِيُّ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي التَّخَاطُبِ فِيمَا يَقْرُبُ مَعْنَاهُ، وَلَا يُرَادُ الْمُبَالَغَةُ بِتَفْضِيلِهِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَمَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ) فِي الْأَرْبَعِينَ لَيْلَةَ الَّتِي عَاشَهَا بَعْدَ أَخِيهِ (إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهْرٍ غَمْرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ؛ أَيْ: كَثِيرِ الْمَاءِ (عَذْبٍ بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَقْتَحِمُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يُبْقِي) بِالْبَاءِ لَا بِالنُّونِ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ (مِنْ دَرَنِهِ) أَيْ: وَسَخِهِ (فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ) أَعَادَهُ زِيَادَةَ تَأْكِيدٍ فِي الْبُعْدِ عَنِ التَّفْضِيلِ بِلَا عِلْمٍ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْعَذْبَ أَنْقَى لِلدَّرَنِ، كَمَا أَنَّ الْكَثِيرَ أَشَدُّ إِنْقَاءً مِنَ الْيَسِيرِ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: خَطَرَ بِبَالِي تَقْصِيرِي فِي الْأَعْمَالِ فَكَبَرَ عَلَيَّ، فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي آتِيًا أَتَانِي فَضَرَبَ بَيْنَ كَتِفِي، وَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ فِي الْعِبَادَةِ؛ أَيُّ عِبَادَةٍ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي جَمَاعَةٍ.

قَالَ أَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا تُحْفَظُ قِصَّةُ الْأَخَوَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ إِلَّا فِي بَلَاغِ مَالِكٍ هَذَا، وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْبَزَّارُ وَقَطَعَ بِأَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>