فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ فَسَكَتَ عُمَرُ، وَمَحَلُّ هَذَا فِي الشِّعْرِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مُنْكَرٌ، وَحَسْبُكَ مَا يُنْشِدُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا مَا فِيهِ الْفَخْرُ بِآبَاءٍ كُفَّارٍ وَالتَّشْبِيبُ بِالنِّسَاءِ أَوْ شَيْءٌ مِنَ الْخَنَا فَلَا يَجُوزُ فِي مَسْجِدٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَالْمَسْجِدُ أَوْلَى بِالتَّنْزِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالشِّعْرُ كَلَامٌ مَوْزُونٌ فَحَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: " «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ» " وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تَتَنَاشَدَ الْأَشْعَارُ فِي الْمَسْجِدِ، وَعَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ، إِلَّا أَنَّ الشِّعْرَ وَإِنْ كَانَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْشَدَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا غِبًّا، لِأَنَّ إِنْشَادَ حَسَّانَ كَذَلِكَ كَانَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَمَّا رَأَى عُمَرُ كَثْرَةَ جُلُوسِ النَّاسِ وَتَحَدُّثَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَرُبَّمَا أَخْرَجَهُمْ ذَلِكَ إِلَى اللَّغَطِ، وَرُبَّمَا أَنْشَدُوا ثَنَاءَ ذَلِكَ بَنَى الْبُطَيْحَاءَ لِيُخْلِّصَ الْمَسْجِدَ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ لَا سِيَّمَا مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute