للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُؤْمَرُونَ بِالْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فِي الْأَضْحَى

ــ

٤٣٢ - ٤٣٤ - (مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُؤْمَرُونَ بِالْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ) إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، وَكَأَنَّهُ أُرِيدَ سَدُّ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ، قَالَهُ الْمُهَلَّبِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا وَجَبَ الْفِطْرُ عَقِبَ وُجُوبِ الصَّوْمِ اسْتَحَبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مُبَادَرَةً لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُشْعَرُ بِذَلِكَ اقْتِصَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَلِيلِ وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الِامْتِثَالِ لِأَكْلِ قَدْرِ الشِّبَعِ؛ أَشَارَ لَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: لَمَّا كَانَ الْمُعْتَكِفُ لَا يَتِمُّ اعْتِكَافُهُ حَتَّى يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى قَبْلَ انْصِرَافِهِ إِلَى بَيْتِهِ خَشِيَ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي هَذَا الْجُزْءِ مِنَ النَّهَارِ بِاعْتِبَارِ اسْتِصْحَابِ الصِّيَامِ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنِ اسْتِصْحَابِ الِاعْتِكَافِ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُحْبَسُ فِي رَمَضَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ، فَاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بَدَارًا إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ وَسْوَسَتِهِ.

(قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فِي الْأَضْحَى) بَلْ مَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ.

وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أَبَا بُرْدَةٍ أَكَلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الَّتِي ذَبَحَهَا لَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةً تَرَكَهَا وَأَقَرَّهُ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهَا» ، وَغَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْكُلَ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ وَلَوْ مِنْ كَبِدِهَا، فَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْفِطْرِ إِخْرَاجُ حَقٍّ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الصَّلَاةِ، وَهُوَ زَكَاةُ الْفِطْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ إِخْرَاجِ ذَلِكَ الْحَقِّ، كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ يَوْمَ الْأَضْحَى حَقًّا يُخْرِجُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْأُضْحِيَةُ، فَاسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ بُرَيْدَةَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ» ، وَنَحْوُهُ لِلْبَزَّارِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ.

وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَخْرُجَ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُخْرِجَ الصَّدَقَةَ وَيَطْعَمَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ " وَفِي كُلٍّ مِنْ أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ.

قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: وَقَعَ أُكُلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلٍّ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>