للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كنتُ أحسبُ أن يكو ... ن الدمعُ يوماً تُرْجُمانَهْ

لولا وضوحُ الأمرِ ما ... أغْرَى بنا الواشِي لسانَهْ

ولَوَى عِنانكَ عن شَجٍ ... شوقاً إليك لَوَى عِنانَهْ

يا ظَبيةَ البانِ التي ... عند القلوبِ لها مكانَهْ

كُفِّي الصُّدودَ فلَيْتني ... من طولِ صَدِّي أُرْوَنانَهْ

يوم أروَنان، وليلة أروَنانة: من الحَرِّ والغَمّ. وقال القيسي: الأروَنان، الصوت.

قد أسْكرتني مُقلتَا ... كِ كن في الأجفانِ حَانَهْ

وكرَعْتِ في ماءِ الصِّبا ... ففَضحْتِ لينَ الخَيزرانَهْ

أجريْتُ ذكرَك بالحِمى ... وقد اجْتلَى طَرفِي جِنانَهْ

فلَوَى القضيبُ مَعاطِفاً ... نظَم النَّدَى فيها جُمانَهْ

واحْمرَّ خدُّ شَقيقِها ... وافْترَّ ثَغْرُ الأُقحوانَهْ

وأنشدني قوله:

أفدِي مليحاً يفوق البدرَ مُستتِرَا ... تحت القناعِ اسْتِتارَ العينِ بالغيْنِ

العين: الشمس. والغين: لغة في الغيم.

أنْشاه مُبدِعُه كالبدرِ مكتمِلاً ... حُسناً ووَقَّاه شَرَّ العينِ والغينِ

العين: النَّظرة، والغين: حجابٌ على القلب.

منِعتُ من ثغْره عينِ الحياةِ وكم ... قد رُدَّ قاصدُ هذي العينِ بالغينِ

العين: عين الحياة، والغين: العطش.

وراعَ قلبِي فمُذ حاولتُ منه وفاً ... أتى بتصْحيف تلك العينِ بالغينِ

الحرفان المعلولان.

وأنشدني قوله:

قال صِفْ فرْعِي الذي قد تدلَّى ... فوق خَدِّي أن كنتَ من واصِفيهِ

قلت ماذا أقول في وصفِ رَوْضٍ ... قد تدلَّتْ عَريشَةُ الحُسنِ فيهِ

وذكر لي في بعض محاضراته أنه رأى قول بعض الأندلسيِّين:

واللهِ لولا أن يُقال تغَيَّرا ... وصِّبا وإن كان التَّصابي أجْدرَا

لأعدت تُفَّاحَ الخدودِ بنفسَجاً ... لَثْماً وكافورَ التَّرائِبِ عنبَرا

وقول أبي جعفر محمد المختار من شعراء الدُّمية:

قلتُ هَبِي منكِ لنا قُبْلةً ... يا مُنيةَ النفسِ وياقوتَهَا

فأغْمضْت من عينهِا مُؤْخِراً ... ورصَّعت بالدُّرِّ ياقوتَهَا

وقول الأمير منجك:

لقد زارني من بعد حَوْلٍ مُودِّعاً ... وطوقُ الدجى قد صار في قبضةِ الفجرِ

فأخْجلتُه بالعتبِ حتى رأيتُه ... يُزيح الثُّريَّا بالهلالِ عن البدرِ

فنظم هذين البيتين يلمِّح إلى هذه المقاطع:

نظرَ البنفسجُ في الشَّقيقِ مؤثِّراً ... فارْتاعَ حتى انْهَلَّ ماءُ جمالِهِ

فغدا يرصِّعُ دُرُّه ياقوتَه ... ويُزيح أنجُمَ بدرِه بهلالِهِ

وأنشدني من لفظه لنفسه:

لا تكن وَيْكَ طامعاً في سلُوِّي ... فالهوى قد نَمَا أشَدَّ نُمُوِّ

شَفَّني ذلك الشُّويدِنُ حُبًّا ... ورمانِي بسهم ذاك الرُّنُوِّ

قمرٌ في ابْتِدائِه تمَّ حُسناً ... وسمَا في الكمال أيَّ سُمُوِّ

وقضيبٌ غضُّ النَّباتِ رطيبٌ ... عُلَّ من خمرةِ الشَّبابِ ورُوِّي

حُبُّه خطَّ في فؤادِي سطراً ... أمَدَ الدهرِ ليس بالمَمْحُوِّ

يمزُج الصَّدَّ بالوِصالِ دَلالاً ... فتَرى منه قسوةً في صُفُوِّ

وهواهُ ما زالَ يُورِي لهيباً ... بين جنبَيّ ماله من خُبُوِّ

يا سقى اللهُ عهدَنَا بليالٍ ... قد جنيْنا بها ثِمارُ الدُّنُوِّ

جمعتْ شملَنَا بِكأسِ سُلافٍ ... هي أصْفَى من دمعةِ المجفُوِّ

كلَّما قلتُ يا ابن وُدِّي خُذْها ... قال لي هاتِ يا عدُوَّ عدُوِّي

السيد عبد الباقي بن مُغَيْزِل من الزُّمرة الأولى من أخلاَّئي، ومن به أشرق في إبَّان رونقه وجه اجتلائي.

فاستهلَّيت أنا وإياه العيش بدريًّا، وهززت أغصن اللَّذات غصناً طريًّا.

في زمانٍ عيون سعوده روانٍ، والآمال فيه دوانٍ، ما بين بكرٍ وعوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>