سقى المَطِيرةَ ذاتَ الظلِّ والشجرِ ... ودَيْر عَبْدون هطَّالٌ من المطرِ
وقال ياقوت، في المشترك: دير عبدون موضعان: أحدهما بسر من رأى، إلى جانب المطيرة، من نواحي بغداد، سمي بعبدون أخي صاعد بن مخلد، وزير المعتمد على الله، كان كثير التردد إليه والمقام به.
ودير عبدون قرب جزيرة ابن عمر، يليهما دجلة، وقد خرب، وكان من منتزهات الجزيرة.
والمطيرة، كسفينة: قرية بنواحي سر من رأى، والصواب المطرية، لأنه بناها مطر بن فزارة الخارجي.
ومنها: دير مارت مريم، وهو دير قديم من ديارات، الشام الأولية.
يقول فيه ابن هرمز:
نعمَ المحلُّ لمن يسْعَى للَذَّتهِ ... دَيرٌ لمريمَ فوق الظهرِ معمورُ
ظِلّ ظليلٌ وماء غيرُ ذِي أسَنٍ ... وقاصراتٌ كأمْثال الدُّمَى حُورُ
وزاد في " المشترك " ثانياً بنواحي الحيرة، من بناء آل المنذر بين الخورنق والسدير.
وثالثاً، قال الشابشتي: دير أتريب بمصر، يقال له دير مارت مريم.
ومنها: دير مرجرجس، كان بالمزرفة بينه وبين بغداد أربعة فراسخ، وكان من منتزهات بغداد.
وآخر بين بلد وجزيرة ابن عمر، على ثلاثة فراسخ من بلد، على جبل يظهر للرائي من فراسخ عدة.
ومنها: دير العذارى، وهو بسر من رأى.
يقول فيه جحظة البرمكي:
ألا هل إلى دَيْر العَذَارَى ونظْرةٍ ... إلى مَن به قبل المماتِ سبيلُ
وقا ياقوت: دير العذارى ثلاثة مواضع؛ أحدها بين أرض الموصل وبين باجرما من أعمال الرقة، وهو دير قديم، كان به نساء مترهبات، وبذلك سمي.
ودير العذاراى بقرب سر من رأى.
ودير العذارى، موضع بظاهر حلب، فيه أكثر بساتينها.
ومنها: دير سمعان؛ أربعة مواضع.
وسمعان هو شمعون الصفا، من الحواريين، وله ديرة كثيرة.
والذي اشتهر هذه.
أحدها في غوطة دمشق، وفيه دفن عمر بن عبد العزيز في الصحيح من الأخبار، ولا يعرف الآن.
ودير سمعان، من نواحي أنطاكية، دير كبير كالمدينة.
ودير سمعان، قرب المعرة، يقال: فيه قبر عمر بن عبد العزيز. والأول أصح.
ودير سمعان، من نواحي حلب، بين جبل بني عليم والجبل الأعلى.
ومنها: دير هند؛ موضعان، وهما بالحيرة، يقال لأحدهما دير هند الكبرى. والآخر دير هند الصغرى.
فأما هند الكبرى فهي بنت الحارث بن عمرو، آكل المرار، وهي أم عمرو بن هند، بنته بظاهر الحيرة، وترهبت به.
وأما هند الصغرى فهي بنت النعمان بن المنذر، المعروفة بالحرقة، صاحبة القصتين مع خالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة.
ومن شعر المترجم، ما كتبه لبعض أحبابه، في صدر رسالة:
سلامٌ على من في الفؤادِ وِدادُه ... وإن غاب عن طَرْفي فما غاب عن قلبي
وإنِّي وإن غبتمْ وبِنْتُم عن الحمَى ... فحبِّي لكم يزداد في البعد والقربِ
وكتب إلى والدي، في صدر رسالة أرسلها إليه، وهو بالروم، تتضمن عتاباً، وكان عزل عن الفتيا:
أمولايَ فضلَ الّلهِ دام لك الفضلُ ... ودمتَ به تزْهو وأنت له أهلُ
يبعِّد مني القلب ما عجَّ لَغْوُه ... بجِلِّق حتى مَجَّهُ العقْلُ والنَّقْلُ
فلا تغْضَبنْ إن الشِّهابَ لَواثِقٌ ... برُكْن عمادٍ شَادَهُ المجدُ والفضلُ
وأنت لأدْرَى بي وداداً وخُلَّةً ... وأنْ لَيْس يلْوِي القلبَ عن حُبِّكمْ عَذْلُ
فقلْبِيَ قلبِي مثلُ ما قد عهِدْتَه ... وقلبُك فيما أدَّعِي شاهدٌ عَدْلُ
فكتب والدي، رحمه الله تعالى، إليه: ورد علي كتاب، ذلك الجناب.
لا زالت شهب الآفاق هدايةً لأصفيائه، ورجوماً لشياطين أعدائه.
فاستدعى شكري وحمدي، واستفرغ في الثناء على مرسله عهدي، واستخلص في الصفا ما عندي.
فكأنما استمليت معانيه مما عندي، واشتملت على حقائق دقائق قصدي.
فرتع ناظري منه في روضٍ أريض، وحظيت من الانتعاش بوروده بما يحظى به المريض، لو لقي بيمينه منشور العمر الطويل العريض، بعد ما حال الجريض، دون القريض.
وإني وإن بلغت غاية الاجتهاد، في أداء بعض ما يوجب الخلوص والاتحاد، من نشر طيب الثناء في كل ناد، ورفع لواء الولا على رؤوس الأشهاد.