قد تَاه سلطانُ العيو ... نِ على القلوب وجار حُكْمَا
تلك الصِّفاحُ البيضُ ل ... كنْ للْمَنايا السُّودِ تُنْمَى
فكأنما راشَتْ لها ... عزَماتُ نجمِ الدين سَهْمَا
نجمٌ غدا للحائري ... ن هُدىً وللأعْداء رَجْمَا
وله الأيادِي الغُرُّ تُرْ ... جِع أوْجُهَ الحسَّادِ دُهْمَا
لو حاربَتْه الشُّهْبُ لَانْ ... قضَّتْ لديْه ترُوم سَلِمْاَ
منها:
خُذْها إلأيك أبا القوا ... في لا أراها اللهُ يُتْمَا
قد أطْلعتْ من كلِّ مَعْن ... نىً في سمَا عَلْياك نَجْمَا
أوْهمْتُها مدحَ السِّوَى ... فتميَّزتْ بالغيظِ وَهْمَا
ومن مصوناته التي إذا اشتهرت اشتغل الناس بها عن كل منظوم، واحتفلوا بها احتفال بني تغلب بقصيدة عمرو بن كلثوم، هذه الميميّة:
عاد فانْقاد للهوى بذِماِم ... بعد ما ودَّع الصِّبا بسلاِم
نسْمةٌ من رُبا الغدير استفزَّتْ ... من أقاصي الحشَى دَواعي الغراِم
نشأتْ من منابِت الشِّيح والقَيْ ... صوِم تروِى عن رَنْدِه والخُزاِم
ذكَّرْته عهداً قديماً وكم نبَّ ... هَ ذكرُ العهودِ جَفْنَ الهُياِم
بوجوهٍ تجلّتْ صُوَر الأقْما ... رِ ترْنُو عن أعْيُن الآرامِ
كل قَدٍّ يكاد يعقِده اللِّي ... نُ وتَثْنيه خَطْرةُ الأوهامِ
وفم طيِّب المُقبَّل والنَّكْه ... هة يُبْدى عن مثل حَبِّ الغَمامِ
أبْلَجٌ واضحُ الدليل بأنَّ الْ ... جوهرَ الفردَ قابلُ الانْقسامِ
ولذيذُ الحديث يقطُر ظَرْفاً ... بتثنِّي جِيدٍ وهَزِّ قَوامِ
لكلا العاشقْين ينفُث سحراً ... شكلُ رُعْبوبةٍ وزِيُّ غلامِ
هذا البيت آخذٌ بطرفي الحسن، تتنبَّه له من غيرتها الجفون الوسن.
وقد ذكر الباخرزيُّ في مثله بيتا، وهو:
لمُذكَّر الخُطواتِ غيرِ مُؤنَّثٍ ... ومُؤنَّثِ الخلَواتِ غيرِ مذكَّرِ
ثم قال، في وصفه: " هذا بيت شعر، يستوي بيت تبر، ففيه، قلبٌ يقبله كل قلب ".
ومما يقارب هذا قول بعضهم:
هو تحت العَجاج ليثُ عَرِينٍ ... وهْو فوق الفِراشِ ظَبْيُ كِناسِ
زمن مَرَّ كلُّ عام كيومٍ ... قِصَراً جَرَّ كلَّ يومٍ كعامِ
هكذا كلُّ مَغْنمٍ فهو عينُ الْ ... غُرمِ والوجدُ زائدُ الإعدامِ
سترى إن أعارَك الدهرُ عيناً ... أن دَرَّ الأيامِ للأيامِ
جلَّ بارِي الأمورِ في صُورِ الأضْ ... دادِ أبْدَى اللذاتِ بالآلامِ
وجلا العزَّ في ملابِس ذُلٍّ ... وكسَا الذلَّ صورةَ الإعْظامِ
وأراك المخْدومَ ناعمَ بالٍ ... وهْو أشْقى الخدام بالخُدّامِ
حسبُك القَنع منصباً وكفى المَرْ ... ءَ نعيما مُطارَحات الكرامِ
هي أهْنَى مواردِ العيش لكنْ ... كدَّرْتها مَؤُونة الاحْتشامِ
من خشوعٍ ولات حين صَلاةٍ ... واحْتراسٍ ولات حين صِدامِ
حركاتٍ تجري على غير طبعٍ ... وقعودٍ مُعَّينٍ وقيامِ
وأشدُّ البلا على الرأسِ تُلْفَى ... عِمَّةٌ مثل ذِرْوةِ الأهرامِ
ولباسٌ يغرى النَّوائبَ بالأكْ ... نافِ ضافي الأذْيال والأكْمامِ
صاحِبَيَّ ابْغيا لنا خارجَ الْعا ... لَم داراً فبئْس دارُ الزِّحامِ
واصْدُقاني ألسْتُما بين ليلٍ ... ونهارٍ، مالي حليفُ ظلامِ
واسْتعيرا لمُقلتي هَجْعَةً عَلَّ ... مَنامي يعودُ لو في منامِ
من أُمور تَقْذِى العيونَ وأخرى ... تصْدَع السمعَ مثل وخْزِ السهامِ