للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أنني أمْهَرْتُها العمرَ كلَّه ... فما أنا في التَّحقيق إلا مُقصِّرُ

وكتب إليه أيضاً، يطلب مراجعته، بقوله:

قسماً بمن جعل الفضا ... ئلَ والمعالي حَشْوَ بُرْدِكْ

وحَباك منه قريحةً ... كعصا سَمِيِّك في أشُدِّكْ

أبطلْتَ سحرَ بني القَرِي ... ضِ بها فكنتَ نسيجَ وَحْدِكْ

وتلقَّفتْ ما يصنعو ... نَ فآمنوا رَغْماً بمجدِكْ

إن القوافي قد ملكْ ... ت زِمامَها بعُلُوِّ جَدِّكْ

واخترتَ كلَّ فريدةٍ ... منها تضيءُ بسِمْطِ عِقْدِكْ

وبلغْتَ منه ما ترُو ... مُ فلم يصلْ أحدٌ لِحَدِّكْ

فَلأنتَ في شَهْبائنا ... مَلِكَ القريضِ برَغْم ضِدِّكْ

فاسلمْ ولا رُميتْ بنو الْ ... آدابِ في حلَبٍ بفَقْدِكْ

فراجعه بقصيدة طويلة، منها قوله:

فوق الشِّدادِ تشرَّعتْ ... يا ابنَ النَّقيبِ قِبابُ مَجدِكْ

وأطاعك الشرفُ الرَّفي ... عُ فأنت فيه نسيجُ وَحْدِكْ

أتْعبتَ جَدَّ بني القَرِي ... ضِ فقصَّرُوا عن نَيْل جَدِّكْ

وغدوْتَ تَرْفُل في العلى ... تِيهاً وتُرغِم أنْفَ ضِدِّكْ

وحكى السيد يحيى الصادقي، أن السيد موسى انتحل شيئاً من شعره، فكتب إليه يداعبه:

أقسمتُ بالسحرِ الحلا ... لِ وحُرمةِ الأدب الخطيرِ

ومصارعِ العشَّاقِ في ... لَحَظاتِ ذا الظَّبْيِ الغَرِيرِ

ومجالسِ الأُنْس التي ... عُقِدتْ على عَقْدِ السرورِ

إن كان موسى ذُو الأيا ... دِي البِيض والأدب الغزيرِ

لم يُرجِع المغْصوب من ... شِعرِي وما أبْدَى ضميرِي

لَأُذيقُه مُرَّ العتا ... بِ لدى الكبيرِ مع الصغيرِ

بل والخِصامَ لدَى الهُما ... مِ رئيسِنا صدرِ الصُّدورِ

وأصُوغ من دُرِّ القوا ... في عِقْدَ لَوْمٍ مستنيرِ

يُنْسِي أُولى الألبابِ ما ... فعل الفَرزْدق مَعْ جريرِ

فأجابه بقصيدة طويلة، منها:

مالي وللقَنْصِ الصَّري ... حِ وهِمَّتي صقرُ الصُّقورِ

وعصايَ طوعُ يدي تلقَّ ... فُ كلَّ سحرٍ مُستطِير

إن أُلْقِها انْبجسَتْ عُيو ... نُ المجدِ من صُمِّ الصخورِ

وبها على الدُّرِّ الثمي ... نِ أغوصُ في لُجَج البحورِ

وليَ اليدُ البيْضاء بيْ ... نَ الجَمْع والجَمِّ الغَفِيرِ

أستغفرُ الرحمن من ... دَعْوَى تُدنِّس بالفُجورِ

هذى قوافِي الشِّعر حا ... ضرةٌ لدى المولى الكبيرِ

نَجْلِ الحُسام المستبدِّ ... برأْيه الليثِ الهَصُورِ

مَن شُرِّفت حلبٌ به ... وعلَتْ على هامِ النُّسُورِ

إن كان ما زَعمُوه حقّاً ... فهْو أدْرَى بالأُمورِ

وله من قصيدة:

وفوْقنا الأغصانُ مَعْكوفةً ... تحنُو علينا من جفاءِ الهَجِيرْ

كأنها الغِيدُ تعطَّفْنَ من ... بعد زمانٍ هَجرُه كالسعيرْ

أو خَيْمةٌ خضراءُ من سُنْدُسٍ ... مَحْبوكةُ الأطرافِ حَبْكَ الحريرْ

والروضُ قد هتَّك من حُسْنِه ... سَرائراً أخفيْتُها في الضميرْ

مذ غنَّتِ الوُرْقُ على مُلْدِه ... أغْنَتْ عن النَّايِ الرَّخِيم المُثيرْ

يا عَنْدَلِيْبَ الروضِ مهلاً فقد ... هيَّجْتَ أشجانَ المُعَنَّى الأسِيْر

تشْدُو وصوتُ النَّجْمِ يستوقف الْ ... أملاكَ والأفلاكُ فيها المُدِيرْ

والشمسُ من غُرَّتِه أشرقتْ ... والبدرُ من ذاك المُحَيَّا المُنِيرْ

ومن مقاطيعه قوله:

أشدُّ من الموت الزُّؤامِ مَرارةً ... وأصعبُ من قَيْد الهوانِ وحَبْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>