للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختبرْ أُسرةً أراهم بكاسِي ... ما تذكَّرتُهم بطافي الحَبابِ

هل هواهم بنا كما قد عهدْنا ... أم قضى شخصُه بحُبِّ اغْترابِي

فمن اللهِ أسْتعيدُ لِقاهُم ... وله إن جفا الحميمُ احْتسابِي

فهْو عَوْنُ النَّائِي الغريبِ إذا ما ... عَضَّه حادثُ الزمان بنَابِ

وقال:

أحِنُّ إلى شَهْبائنا وقُوَيْقِها ... إذا انْساب منه بالنَّيارِب سَلْسالُ

وأظْمأُ حتى أرْتوِي منه بالَّلمَى ... وألْثَم أرْضاً دونها خَفَقَ الْآلُ

ولم تسْتِمْلني الرومُ شمسُ مُدامِها ... تُدار بكَفِّ البدرِ والمرءُ مَيَّالُ

فماءُ بلادي كان أنْجعَ مشرباً ... ولوأن ماءَ الرومِ صَهْباءُ جِرْيالُ

قويق نهر حلب، أكثر الشعراء من وصفه، فمن وصفه الخطيب أبو عبد الله محمد بن حرب، في قوله:

لقد طُفْتُ في الآفاقِ شرقاً ومغرِبا ... وقلَّبتُ طَرْفي بينها مُتقلّبا

فلم أرَ كالشَّهْباءِ في الأرض منزلاً ... ولا كقُوَيقٍ في المَشارب مَشْربا

وللصنوبري فيه:

قُوَيقٌ إذا شمَّ ريحَ الشِّتا ... ءِ أظهرَ تيهاً وكِبْراً عجيبَا

وناسَب دجْلةَ والنِّيلَ وال ... فُراتَ بهاءً وحسناً وطِيبَا

وإن أقبَل الصيفُ أبصرْتَه ... ذليلاً حقيراً حزينا كئيبَا

إذا ما الضفادعُ ناديْنَه ... قُوَيْقُ قُوَيْقُ أبَى أن يُجِيبَا

وتمْشِي الجرادةُ فيه فلا ... تكادُ قوائمها أن تغيبَا

وله فيه:

قُوَيْقٌ على الصفراء رُكِّب طبعُه ... رَباه بهذا شُهدُه وحدائقُهْ

فإن جَدَّ جِدُّ الصيفِ غادر جسمَه ... ضئيلاً ولكنَّ الشتاءَ يوافقُهْ

وله فيه، من قصيدة:

هو الماءُ إن يوصَفْ بكُنهِ صفاتِه ... فللْماء إغْضاءٌ لديه وإطْراقُ

ففي اللون بَلُّورٌ وفي اللَّمْعِ لُؤْلُؤٌ ... وفي الطِّيبِ قنْديدٌ وفي النَّفع دِرْياقُ

إذا عبثتْ أيْدي النسيم بوجْهِه ... وقد لاح وجهٌ منه أبيضُ بَرَّاقُ

فطوراً عليه منه دَرَق خفيفةٌ ... وطوراً عليه جَوْشَنٌ منه رَقْراقُ

وقد عابه قومٌ وكلهمُ له ... لى ما تعاطَوْه من العيْب عُشَّاقُ

وقالوا ألبس الصيفُ يُبْلى لِباسَه ... فقلتُ الفتى في الصيفِ يُقْنعه طَاقُ

وما الصبْح إلاّ آيِبٌ ثم غائبٌ ... تُوارِيه آفاقٌ وتُبديه آفاقُ

ولا البدرُ إلا زائدٌ ثم ناقِصٌ ... له في تَمام الشهرِ حَبْسٌ وإطلاقُ

ولو لم تَطاولْ غَيْبةُ الوردِ لم تَتُقْ ... إليه قلوبٌ تأئقاتٌ وأحداقُ

ولو دام في الحبِّ الوصالُ ولم يكنْ ... فِراقٌ ولا هجرٌ لما اشْتاق مشتاقُ

وفضْل الغنى لا يسْتبينُ لدَى الغِنَى ... إذا لم يكنْ في ذلك الفضلِ إمْلاقُ

قُوَيْقٌ رَسِيلُ الغيثِ بأتي وينْقضي ... ويأتي انْسياقاً تارةً ثم ينْساقُ

وللعرضي من مكاتبة:

هل من خليلٍ بشَهْبانَا نُخَالِلُهُ ... وهل غزالٌ إذا عُدْنا نُغازِلُهُ

عهدْتُها وشموسُ الرَّاحِ جاء بها ... بدرُ التَّمام وغصنُ الْبان حاملُهُ

إن ماسَ من وَلَهٍ وَاذُلَّ عاشقِه ... حتى م يفْنَى إذا ما اهْتزَّ عاملُهُ

تُرَى إذا ما قرعْنا باب ساحتِه ... يُولِي الجميلَ وإلاَّ خاب آملُهُ

وهل نَوَدُّ فتى شطَّتْ منازلُه ... ورَبْعُه قد خلا والبَيْن منازلُهُ

ما حِيلتي وطُروق البَيْن أقْلقني ... كأنَّ عيْشا مضى ما زال زائلُهُ

طال الفِراقُ فلا وافٍ يُراسِلنا ... على البِعاد ولا آتٍ نُسائلُهُ

وله:

هم القومُ إن بانُوا عن العينِ أوبانُوا ... بهم رَبْعُ قلبي آهلٌ حيث ما كانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>